تباينت تقديرات اقتصاديين ومحللين بشأن الارتفاع المفاجئ لسعر صرف الدولار أمام الدينار في السوق الموازية في نهاية شهر رمضان الماضي، وقفزته فوق مستوى 7 دنانير.
وتزايدت تساؤلات قطاعات من المواطنين الليبيين عن أسباب ارتفاع الأسعار خصوصا مع احتفالات رمضان وعيد الفطر المبارك، التي اشتكى فيها مواطنون من ارتفاع الأسعار في عدد من المدن.
ارتفاع مستوى التضخم السنوي
وحسب آخر أرقام رسمية صادرة عن حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» فقد ارتفع مستوى التضخم السنوي بنسبة 2.2% في شهر أكتوبر الماضي، مقابل الشهر نفسه من العام 2023.
ومطلع العام الجاري، توقعت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا «إسكوا» استقرار نسبة التضخم في ليبيا عند 2% بعامي 2025 و2026.
الجهة المهنية بضبط السياسات النقدية
وعلى الرغم من تعدد العوامل الاقتصادية وغير الاقتصادية المؤثرة على معدلات التضخم، بما في ذلك زيادة الإنفاق العام، إلا أن المصرف المركزي يظل الجهة الأولى المعنية بضبط السياسات النقدية بما يضمن استقرار الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين، بحسب الخبير الاقتصادي عطية الفيتوري.
في هذه الأثناء، تكرر سيناريو الانخفاض الشديد لسعر الدينار الليبي خلال السنوات الأخيرة، إلا أن سعر الدولار ارتفع إلى 7.08 دينار منتصف هذا الأسبوع.
بطء شديد في دوران النقود
وهناك من تحدث عن «بطء شديد» في دوران النقود، وهو ما أرجعه خبراء، ومن بينهم محمد الشحاتي، إلى «تضخم الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي حيث تعاني ليبيا من ظاهرة اكتناز الأموال خارج القطاع المصرفي».
ويلعب العامل السياسي والانقسام المؤسسي وعدم الاستقرار السياسي والفساد المالي دورًا حاسمًا في إضعاف حركة النقد داخل الاقتصاد، حسب محللين.
ويشير الشحاتي إلى أن «انقسام السلطة وانعدام الشفافية في الإنفاق الحكومي يجعل جزءًا كبيرًا من الأموال خارج الدورة الاقتصادية الطبيعية، مما يقلل من فاعلية أي توسع نقدي في تحفيز النشاط الاقتصادي».
تخفيض طباعة العملة
وإلى جانب دعوة المحللين إلى «تخفيض طباعة النقود»، فإنهم يكادوا يجتمعون على أن القضاء على الانقسام السياسي وتوحيد السلطة التنفيذية وميزانيتها قد يقود إلى تخفيف بعض المشكلات المالية في ليبيا.
وتتزايد المخاوف على الاحتياطي النقدي في ليبيا، إذ تحدث المترشح الرئاسي، رئيس مجلس التطوير الاقتصادي السابق، فضيل الأمين عن «نزيف واضح وخطير للعملة الصعبة في ليبيا»، مشيرا إلى أن «مصرف ليبيا المركزي يواصل سحب احتياطياته من النقد الأجنبي دون أي دعم من المؤسسة الوطنية للنفط».
الوضع الاقتصادي الراهن
وإذ عبر الأمين في منشور عبر منصة «إكس»، مؤخرا عن قلقه «إزاء الوضع الاقتصادي الراهن في ليبيا»، فإنه اعتبر أن «الوضع غير قابل للاستمرار والإصلاح دون حكومة ليبية موحدة جديدة قادرة على وقف الفساد ودعم الشعب الليبي».
وحسب البنك الدولي، فإن الاستقرار وتحسين الحوكمة سيشكلان عنصرين أساسيين للتعافي الاقتصادي في ليبيا، مستندا إلى «الخسائر الاقتصادية الفادحة الناجمة عن عدم الاستقرار في السنوات الأخيرة».