(الأنباء الليبية) – في مشهد مؤلم يختصر عمق الأزمة البيئية، فقدت الطفلة رؤى شجرتها التي لطالما كانت ملاذها للعب والفرح، لتفتح دمعتها الصغيرة بابا واسعا للحديث عن مأساة القطع الجائر للأشجار في ربوع الجبل الأخضر.
-مشهد إنساني يُجسد الفقد البيئي
وسط سفوح الجبل الأخضر، حيث اعتادت الطفلة رؤى اللعب تحت شجرة معمرة كل عيد أضحى، عادت هذا العام لتجد المكان خاليا، سؤالها البريء “وين شجرتي؟” وتحذير والدتها بأن الشجرة قطعت لاستخدامها كفحم، اختزل مشاعر الفقد، بكاؤها ورفضها “أكل الطعام المطهو على شجرتها” كشف عن وعي طفولي يفوق عمره، وعن حكاية وطنية تتكرر كل يوم.
–انهيار صامت للغطاء النباتي
ما تعيشه رؤى هو مرآة لمأساة بيئية صامتة تشهدها مناطق الجبل الأخضر، حيث تفاقمت عمليات القطع الجائر للأشجار دون رقابة أو دراسات بيئية. هذه الأفعال لا تؤدي فقط إلى تدمير الطبيعة، بل تهدد التوازن البيئي، خصوصًا مع التوسع العشوائي لمشاريع عمرانية وسياحية على حساب الغابات.
– تحذيرات الخبراء وغياب الردع
خبير الحياة البرية بجامعة عمر المختار علي بطاو، وصف الجبل الأخضر بأنه “منطقة بيئية مغلقة”، مؤكدا أن فقدان أي شجرة لا يُعوض. وأوضح أن الأشجار تشكّل موائل حيوية لكائنات نادرة، مثل النحل البري، وأن قطعها يهدد بانقراض أنواع كثيرة.
بطاو أوضح أن انتشار ظاهرة إزالة الأشجار دون دراسات بيئية أدى إلى خلل في التنوع الحيوي، وزاد من معدلات التصحر، مشيرًا إلى أن غياب التنسيق المؤسسي وتراجع الوعي البيئي يجعل من كل مشروع عمراني أو سياحي تهديدًا مباشراً للبيئة.
-غطاء نباتي مهدد
وحذر مدير إدارة الإنتاج النباتي بوزارة الزراعة ناصر خطاب، من مؤشرات متزايدة على تدهور الغطاء النباتي، لا سيما في المناطق المنحدرة من الجبل الأخضر، مؤكدا أن إزالة الأشجار أدت إلى ارتفاع معدلات انجراف التربة، مما يهدد الأراضي الزراعية وخزانات المياه الجوفية.
وأوضح أن ليبيا تحتوي على أكثر من 2000 نوع نباتي، كثير منها مهدد بالاختفاء بفعل القطع الجائر والحرائق، ما يتسبب في خسائر بيئية واقتصادية خطيرة. كما نبه إلى أن فقدان الأشجار أثر بشكل مباشر على إنتاج العسل، وهو مصدر دخل رئيسي لمئات العائلات، نتيجة فقدان النحل لبيئته الطبيعية.
وأكد أن قطع الأشجار لا يقتصر ضرره على التربة فقط، بل يسهم كذلك في زيادة نسبة الغبار بالهواء، مما تسبب في ارتفاع معدلات الأمراض التنفسية، خاصة في المدن الشرقية.
-دعوات عاجلة لحماية الجبل
في ظل هذا الواقع، تتعالى أصوات الجمعيات البيئية وخبراء المناخ، مطالبة بتفعيل القوانين البيئية وإطلاق برامج تشجير، مع ربط مشاريع التنمية بمعايير الاستدامة. كما دعت إلى حملات توعية واسعة لمحاربة ثقافة استهلاك الأشجار للفحم. فرغم كل التقارير والدراسات، تبقى دمعة رؤى أبلغ شهادة على خسارة تتجاوز الطبيعة… إنها خسارة لذاكرة وطن وطفولة. (الأنباء الليبية) س خ.
-متابعة: أحلام الجبالي