أثارت تصريحات نائب رئيس مركز الأهرام الاستراتيجي، الدكتور عماد جاد، عبر حسابه على فيسبوك، جدلاً واسعاً بشأن مستقبل رئاسة جامعة الدول العربية ومقرها، حيث دعا إلى نقل مقر الجامعة إلى المملكة العربية السعودية، مؤكدًا أن العرب جاءوا من السعودية واليمن، وأن تولي السعودية رئاسة الجامعة سيكون قرارًا موضوعيًا ومفيدًا لجميع الدول العربية.
وقال الدكتور عماد جاد في منشوره:
“من وجهة نظر شخصية، ووفق رؤية واضحة، أعتقد أن تولي المملكة العربية السعودية رئاسة جامعة الدول العربية ونقل مقرها إلى الرياض أو أي مدينة سعودية أخرى هو قرار موضوعي ومفيد لكافة الدول العربية. فالعرب جاءوا من السعودية واليمن، ووفق التوازنات القائمة حاليًا، أرى أنه من الأفضل للجميع القبول بنقل مقر الجامعة العربية إلى السعودية وأن يكون أول أمين عام جديد سعودي الجنسية. فكروا بتأمل وهدوء وسوف تصلون إلى سلامة هذا الرأي.”
ردًّا على ذلك، أصدر الإمام وخطيب مسجد عمر مكرم، الدكتور مظهر شاهين، بيانًا حازمًا عبر فيه عن احترامه للدكتور عماد جاد ونواياه، لكنه أعرب عن مخاوفه من تداعيات هذا الطرح على الهوية العربية ووحدة الأمة.
وقال شاهين في بيانه:
“تابعتُ باهتمام ما صرّح به الصديق العزيز الدكتور عماد جاد، وأعلم أنه لا يبتغي إلا ما يراه نافعًا للصالح العام. لكن القول بأن رئاسة الجامعة يجب أن تنتقل إلى السعودية باعتبارها منشأ العرب الأصلي، يحمل تلميحًا غير مباشر يعيد تعريف الانتماء العربي على أسس عرقية أو جغرافية، وليس على أسس حضارية وثقافية ولغوية. وهذا يحمل تبعات خطيرة على حاضر الأمة ومستقبلها، ويضعف دور مصر القيادي، ويوحي – ولو دون قصد – بأنها ليست عربية الأصل بل طارئة على هذا الانتماء.”
أكد شاهين: “العروبة ليست نسبًا ولا موطنًا جغرافيًا، بل هي انتماء حضاري، ولسان، وثقافة. ومصر التي تبنت العربية منذ فجر الإسلام، لم تكن مجرد تابع، بل كانت قائدًا وصانعًا ومجددًا. لعبت دورًا محوريًا في حماية الهوية العربية والدفاع عن قضايا الأمة، وعلى رأسها قضية القدس الشريف. وستظل صمام الأمان للأمن القومي العربي وصوت العقل والريادة في المحافل الإقليمية والدولية.”
وشدد شاهين: “حتى لو تولت السعودية رئاسة الجامعة، فليكن ذلك من باب التدوير المؤسسي أو اعتبارات مرحلية، لا على أساس “أنها الدولة التي جاءت العروبة من أرضها”، فهذا مدخل بالغ الخطورة يعيد تعريف الانتماء العربي على أسس جغرافية ويقصي دولًا كبرى وعلى رأسها مصر، ويهدد وحدة الصف العربي ويكرس تصنيفات تجزئ الأمة وتضعفها.”
واختتم البيان بالقول:
“مصر ليست مجرد جزء من العالم العربي، بل مركزه الحضاري ورائدته التاريخية، وهي الأحق دائمًا بريادة الأمة، لا بريادة الجامعة العربية فقط. وأي محاولة للنيل من هذا الدور أو تقليصه هو طعن في وحدة الأمة وتفريط في هويتها ومستقبلها. مصر كانت وستبقى ركيزة المشروع العربي ودرعه الحامي، ولن تسمح بتحويل العروبة من هوية جامعة إلى خرائط بديلة تهدد الكيان وتفتت الوجدان.”