عندما تكون الحياة مليئة بالتحديات والصعاب، يمكن أن يغمر اليأس القلوب والأذهان، يحاصر الأمل ويبدد الطموحات، ومع ذلك، يكمن الجوهر الحقيقي للأمل في قدرته على النهوض، والتألق في أحلك اللحظات، فيولد الأمل من اليأس، كي يعلن للعالم أنه لا يوجد مستحيل وأن الحياة تحمل في طياتها دائمًا فرصًا أخرى للتجديد والتفوق.
لم يكن يعلم أن تلك الرقصة، التي جاءت في أوج الفرحة، ستغير مجرى حياته، وحياة الكثير غيره، لتنشر البهجة في نفوسهم، وتجعلهم يمارسون ما يعشقون “الساحرة المستديرة”. لم يدر محمود عبد العظيم “الراقص بالعكاز”، أن رقصته، ستكون نواه لبناء منتخب مصر لذوي الساق الواحدة، بالإضافة إلى تأسيس مسابقة للدوري لهم.
البداية
تعود القصة إلى الواقعة التي حدثت في استاد برج العرب بالإسكندرية، وتحديدًا في مباراة الجولة الخامسة وقبل الأخيرة من تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم روسيا .2018
عندما كانت مصر تواجه منتخب الكونغو الديموقراطية، في مباراة يحتاج فيها الفراعنة لتحقيق الانتصار؛ من أجل ضمان التأهل بغض النظر عن نتائج باقي المباريات.
ومع الفرحة الهستيرية التي جاءت عقب تسجيل صلاح ركلة الجزاء في الهدف الثاني، استطاع الزميل الصحفي عزت السمري، التقاط صورة لمحمود عبد العظيم أثناء احتفاله بالهدف، راقصًا على العكاز، في مشهد لاقى رواجًا واسعًا على شاشات التليفزيون، ومواقع التواصل الاجتماعي وقتها.
إدخال لعبة كرة القدم لذوي الساق الواحدة إلى مصر
مع الشهرة الواسعة التي لاقتها صورة “عبد العظيم”، فكر الأخير في ممارسة كرة القدم، لكنه لم يتمكن من ذلك؛ إذ أن اللعبة لم تكن موجودة في مصر، على عكس أوروبا وأفريقيا، فهناك بطولة دوري أبطال أوروبا لمبتوري الأطراف.
نشر “عبد العظيم” فيديو عبر حسابه الرسمي على شبكة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أثناء لعبه لكرة القدم؛ بالإضافة إلى شخصين آخرين معه وهم: سيف سلامة، وعبد الله مصطفى.
ثم بدأ عدد اللاعبين من ذوي الساق الواحدة يزداد شيئًا فشيئًا، وبعد الاطلاع على شعبية اللعبة في أوروبا وبقية دول العالم. الشعبية التي ظهرت في إقامة دوري أبطال أوروبا في اللعبة المذكورة، والدوري التركي، وبطولة أفريقيا، ظهرت لدى الثلاثي الرغبة في تكوين فريق لذوي الساق الواحدة، وإدخال اللعبة إلى مصر، في مطلع عام .2018
لكن الأمر لم يكن هينًا حيث ظهرت عقبة كبيرة، تتمثل في عدم وجود راعي للفكرة، إلى أن ظهر محمد عادل حسني رئيس مجلس إدارة شركة الشبة المصرية، ورئيس لجنة تنمية الموارد باللجنة البارالمبية المصرية؛ بالإضافة إلى سارة سمير صاحبة أكاديمية سمير وعلي، اللذان تكفلا برعاية الفكرة.
تم الاتفاق على إنشاء أكاديمية تجريبية، للاعبي كرة القدم ذوي الساق الواحدة، والتي كانت نواة لإنشاء الدوري المصري، ومنتخب مصر الذي يشارك في البطولات الآن.
تأسيس المنتخب المصري لذوي الساق الواحدة
بدأت الأكاديمية التجريبية للاعبي كرة القدم ذي الساق الواحدة ب 25 لاعبا، إلى أن وصلت الآن إلى أكثر من 120 لاعبا، خلال سنوات قليلة. وظل لاعبو المنتخب يتدربون لمدة 3 سنوات، دون وجود دوري يشارك به اللاعبون أو وجود منتخب يضمهم، للمشاركة في البطولات الدولية، واستمر ذلك الوضع حتى عام 2021.
ثم بدؤوا في التواصل مع مسؤولين في الكاف من أجل تأسيس منتخب، وهو ما وافق عليه الكاف، وبناء عليه تم تجميع منتخب ليمثل مصر في بطولة أمم أفريقيا لذوي الساق الوحدة 2021، والتي أقيمت في دولة تنزانيا.
كانت البطولة أول ظهور، وتمثيل رسمي لمصر في اللعبة، وتمكن المنتخب من حصد المركز السابع في تلك البطولة، وحقق سيف سلامة جائرة أفضل حارس مرمى بها.
تأسيس الدوري المصري لذوي الساق الواحدة
بعد الأداء الباهر لمنتخب مصر في بطولة أمم أفريقيا 2021، بدأ التفكير في إقامة أول دوري يزداد شيئا فشيا، وبدأ الحلم يكبر عن ذي قبل. ومن هنا حرص اللاعبون في الأكاديمية على البحث عن أندية للتعاقد معهم، وكان بيراميدز هو أول ناد يوافق على ذلك، ثم تبعه الزمالك والمقاولون العرب؛ بالإضافة إلى ناد زد.
ثم ظهرت عقبة جديدة، تتمثل في أن القوانين لا تسمح بإقامة دوري مكون من 4 أندية، فلا يقل الدوري عن 6 فرق، ولكن “الكاف” منح مصر استثناء، وكان بيراميدز بطل النسخة الأولى من مسابقة الدوري في 2023، وانضم إلى الفرق السابقة نادي البنك الأهلي.
ويشارك المنتخب الآن في دورة الألعاب البارالمبية الأفريقية، التي تتكون من 8 منتخبات إفريقية، تتواجد مصر في المجموعة الثانية، والتي تضم أنجولا وكينيا بالإضافة إلى رواندا.
وتمكن المنتخب المصري من تحقيق أول ميدالية في تاريخ اللعبة، وهي الميدالية البرونزية لدورة الألعاب البارالمبية الإفريقية واللي استضافتها غانا خلال الفترة من 4 وحتى 10 سبتمبر.
ريمونتادا تاريخية قدمها الفراعنة اليوم بعد التأخر بهدف عن طريق أشرف إسماعيل وزاهر محمد زاهر الهداف بوصوله للهدف السادس.