أكد المحامي وعضو لجنة العفو الرئاسي، طارق العوضي، أن احترام السلطة للقانون يعتبر حجر الزاوية في بناء النظام القانوني السليم، وأساسا لا غنى عنه لضمان استقرار المجتمع وشرعية الحكم.
وأضاف العوضي خلال تدوينة له عبر صفحته على فيسبوك: «فالسلطة، أياً كانت صورتها، لا تملك أن تعلو فوق القانون، بل يجب أن تكون أول من يخضع له ويلتزم بأحكامه، لأن وجودها ومشروعية تصرفاتها مستمدة في الأصل من هذا القانون ذاته».
وتابع العوضي: «وإذا كانت القاعدة القانونية عامة ومجردة، فإنها تنطبق على الجميع دون تمييز، بما في ذلك الحاكم والمحكوم، المسؤول والمواطن، لأن الخروج على هذه القاعدة من جانب من بيده السلطة يعني هدم مبدأ المساواة أمام القانون، ويؤدي بالضرورة إلى انحراف في ميزان العدالة».
وأوضح عضو لجنة العفو الرئاسي أن احترام السلطة للقانون ليس مسألة اختيارية أو مرتبطة بحسن النية، بل هو التزام قانوني وأخلاقي وسياسي، مضيفا: «فالسلطة التي لا تحترم القانون تفقد تلقائيا قدرتها على مطالبة الآخرين بالالتزام به، وتسقط عنها صفة القدوة التي يجب أن تتحلى بها أمام المجتمع».
وتابع العوضي: «إذ كيف يمكن لسلطة تنتهك القانون أن تطلب من المواطن البسيط أن يطيعه؟ وكيف يمكن لجهاز من أجهزة الدولة أن يلاحق مخالفي القانون، بينما هو ذاته لا يتورع عن مخالفته أو التحايل عليه؟ هذا التناقض يهدم الثقة بين الدولة والمجتمع، ويؤسس لحالة من الفوضى القانونية، يكون فيها الاستبداد أقرب من العدالة، والظلم أكثر شيوعاً من الإنصاف».
وأكمل: «الشرعية القانونية للسلطة لا تتحقق فقط بمجرد توليها الحكم أو امتلاكها أدوات القوة، وإنما تتحقق بقدر التزامها بالقانون واحتكامها إليه في ممارسة صلاحياتها».
وأشار إلى أنه من دون هذا الالتزام، تصبح السلطة استبدادا، ويتحول القانون إلى أداة في يد الأقوياء بدل أن يكون درعاً لحماية الضعفاء، متابعا: «ولذلك، فإن من مقتضيات سيادة القانون أن تُساءل السلطة وتُراقب، وأن تخضع أفعالها للفحص القضائي والتدقيق القانوني، حتى لا تنقلب من خادم للمصلحة العامة إلى وسيلة لتحقيق المصالح الخاصة».
وتابع: «وحين تلتزم السلطة بالقانون، فإنها بذلك تحمي الحقوق والحريات، وتمنع تغول النفوذ، وتكفل وجود بيئة آمنة يستطيع فيها المواطن أن يمارس حياته دون خوف أو تهديد، أما إذا تهاونت السلطة في احترام القانون، فإن أول ما يُنتهك هو كرامة الإنسان وحريته، وتصبح دولة القانون شعارات بلا مضمون، وتتحول الدولة إلى كيان يحكمه الهوى لا النص، والسلطة لا الحق».
وأوضح: «ومن هنا، فإن احترام السلطة للقانون ليس فقط ضمانة لحماية المواطنين، بل هو أيضاً ضرورة لحماية السلطة نفسها من الانهيار والتآكل الداخلي، فالدولة التي تبني شرعيتها على سيادة القانون تضمن لنفسها الاستمرار والاستقرار، وتحظى باحترام الداخل وثقة الخارج، في حين أن السلطة التي تعبث بالقانون سرعان ما تجد نفسها محاصرة بأزمات الشرعية وانعدام الثقة وفقدان السند الشعبي».
واختتم العوضي: «إن احترام القانون هو ما يضفي على تصرفات السلطة صفة المشروعية، ويمنحها القوة الأخلاقية والدستورية التي تعزز من مركزها، وتحول دون انزلاقها نحو الاستبداد أو السقوط في مستنقع الفوضى والفساد، ولذلك فإن احترام القانون ليس ترفا تمارسه السلطة حين تشاء، بل هو واجب أصيل تفرضه طبيعة الدولة القانونية، وروح العدالة، وكرامة الإنسان».