نظمت الحركة المدنية الديمقراطية، بالتعاون مع مؤسسة “مناخ” للوعي البيئي والتنمية المجتمعية (قيد التأسيس)، ندوة حوارية تحت عنوان «العنف البيئي وآثاره الاجتماعية»، ناقشت خلالها كيف تتحول الأزمات البيئية إلى تهديدات حقيقية تمس الصحة العامة، وتفاقم التفاوتات الاجتماعية، خاصة بين الفئات المهمشة والفقيرة.
شارك في الفعالية الدكتور كريم محروس، استشاري تصميم برامج الوقاية من العنف البيئي ونائب رئيس حزب الخضر المصري الأسبق، والمهندس أحمد ماهر، رئيس مجلس أمناء مؤسسة “مناخ”.
في كلمته، أوضح الدكتور محروس أن “العنف البيئي” هو شكل من أشكال الأذى المنظم الذي تلحقه السياسات والممارسات الصناعية الجائرة بالبيئة والإنسان، بما يُقوّض النظم الإيكولوجية ويمسّ الحقوق الأساسية للعيش بكرامة.
وأشار إلى جملة من التحديات البيئية الآخذة في التصاعد، منها:
-تغير مناخي غير مسبوق: ارتفاع متوقع في درجات الحرارة خلال السنوات المقبلة مع فصول أكثر تطرفًا.
-مفاهيم مغلوطة: اعتبار الكهرباء طاقة “نظيفة” بشكل مطلق، ومخاطر التشجير العشوائي على التنوع البيولوجي، واستنزاف المياه في بعض الأنشطة الزراعية والصناعية.
-تدهور البحر المتوسط: مع تزايد التلوث البلاستيكي، حيث يُقتل نحو مليون كائن بحري سنويًا، وسط توقعات بأن يفوق وزن البلاستيك في المياه وزن الأحياء البحرية بحلول 2040.
-فلسطين نموذجًا للعنف البيئي القسري: من خلال تلويث المياه وتجريف الأراضي الزراعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يمثل انتهاكًا مزدوجًا للبيئة والحقوق الإنسانية.
من جهته، دعا المهندس أحمد ماهر إلى وضع قضايا البيئة في صميم السياسات الوطنية، معتبرًا أن “البيئة ليست ترفًا، بل ضمانة للبقاء والكرامة الإنسانية”.
وأكد على ضرورة تشريع قانون يُلزم الجهات الملوثة بتحمل مسؤولياتها، ويضمن حق المواطن في بيئة آمنة ونظيفة.
وشدد ماهر على أهمية الشفافية وتوفير المعلومات البيئية للمواطنين، إلى جانب تفعيل دور الشباب والمجتمع المدني في صنع القرار البيئي، بعيدًا عن الأطر الشكلية.
وخلال الفعالية، أشاد المشاركون بمشروع القانون الذي تقدمت به النائبة أميرة صابر، والذي يهدف إلى تحقيق الحياد المناخي في مصر بحلول عام 2050، عبر حزمة من الالتزامات الواضحة على الدولة والقطاع الخاص، أبرزها:
على الدولة:
-مسح شامل للبصمة الكربونية للمؤسسات الحكومية.
-إعداد خطط طوارئ لمواجهة النزوح المناخي.
-فرض ضريبة كربونية على الصناعات الملوثة.—شفافية في نشر البيانات البيئية وتقييم المشتريات الحكومية من حيث الأثر المناخي.
على القطاع الخاص:
-تقديم دراسات لتقييم الأثر المناخي قبل تنفيذ المشاريع.
-وضع بطاقة “إفصاح كربوني” على المنتجات.
-حظر توزيع الأكياس البلاستيكية مجانًا.
-الالتزام بقياسات دورية للبصمة الكربونية للمصانع.
آليات الحوكمة والرقابة:
-توسيع صلاحيات المجلس الوطني للتغيرات المناخية.
-إنشاء وحدة مستقلة لرصد الأثر البيئي.
-إشراك حقيقي للمجتمع المدني والفئات المتأثرة في رسم السياسات.
توصيات ختامية: البيئة قضية بقاء وعدالة
خلصت الفعالية إلى ضرورة ربط حماية البيئة بقضايا العدالة الاجتماعية، والتحذير من تجاهل التدهور البيئي في بلد يعاني من تحديات سكانية واقتصادية حادة. وشدد المتحدثون على أن التشريعات وحدها لا تكفي، بل لا بد من إرادة سياسية، وآليات محاسبة شفافة، وشراكة مجتمعية فاعلة.