صرّح المحامي والحقوقي طارق العوضي أن الجولة غير الرسمية التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي برفقة نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في منطقة خان الخليلي والحسين، رغم طابعها الشعبي والإنساني، فإنها حملت في طياتها دلالات استراتيجية ورسائل سياسية وثقافية تتجاوز الشكل البروتوكولي التقليدي.
وقال العوضي في تصريح خاص لـ«الحرية»: إن هذه الجولة تعكس مستويات عالية من التنسيق والثقة بين الجانبين المصري والفرنسي، وتؤكد دعمًا فرنسيًا واضحًا للنظام السياسي في مصر، في وقت تسعى فيه باريس لتعزيز موقعها كفاعل مستقل داخل الشرق الأوسط، بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية أو تردد بعض القوى الأوروبية في التعاطي مع قضايا الإقليم.
وأضاف أن هذه الزيارة، التي خرجت من إطار الاجتماعات الرسمية إلى الفضاء الشعبي، تمثل تعبيرًا ناعمًا عن الشراكة الاستراتيجية، وتُرسل رسالة اطمئنان إلى المجتمع الدولي بشأن الأمن والاستقرار في مصر. فخان الخليلي والحسين، بما يحملانه من رمزية تاريخية وحيوية مجتمعية، شكّلا رسالة واضحة إلى المستثمرين والدبلوماسيين بأن مصر ليست فقط دولة مستقرة سياسيًا، بل آمنة أيضًا على المستوى المجتمعي.
كما أشار العوضي إلى أن البعد الثقافي للجولة لا يقل أهمية عن السياسي والاقتصادي، موضحًا أن زيارة رئيس دولة كبرى إلى أماكن دينية وتاريخية ذات طابع شعبي، وتفاعله مع الناس، يحمل دعمًا قويًا للهوية الثقافية المصرية، ويؤكد على أهمية القوة الناعمة في صياغة علاقات دولية أكثر توازنًا وإنسانية.
ورأى أن المشهد أيضًا له أثر داخلي مباشر، إذ يعزز من ثقة المواطن المصري في دولته، ويرسخ صورة الدولة الآمنة والمستقرة، القادرة على حماية قادتها وضيوفها في قلب مناطقها الشعبية، رغم ما يحيط بالإقليم من اضطرابات.
واختتم العوضي تصريحه بأن هذه الجولة تُمثل نموذجًا تطبيقيًا للدبلوماسية العامة والثقافية، حيث تم توظيف المكان والحدث والرمزية في آنٍ واحد، لتوجيه رسائل ناعمة لكنها بالغة التأثير إلى الداخل والخارج، وهو ما يعكس وعيًا سياسيًا عاليًا لدى الدولة المصرية في استخدام أدواتها الحضارية والثقافية كجزء من سياستها الخارجية الفعالة.