في ظلال الأزمة الليبية المعقدة، تقف نائبة رئيس البعثة الأممية، ستيفاني خوري، على مشارف مهمة تاريخية، ليس من السهل على أي كان خوض غمارها بنجاح. إن اعتماد خوري على الفرقاء في المشهد السياسي الليبي، دون وضع حد للمعرقلين منهم، لن يؤدي إلى نتيجة مغايرة عن سابقاتها، كما صرحت الدكتورة ابتسام بحيح، عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور.
ابحيح: حظوظ ستيفاني خوري في ليبيا لا تتجاوز سابقيها
إن الاعتماد على الفرقاء في المشهد الليبي دون وضع حد للمعرقلين منهم لن يؤدي إلى نتيجة مغايرة”، تقول بحيح، مشيرة إلى أن البعثة الأممية تجد نفسها مرة أخرى في مواجهة شبكة من التعقيدات السياسية والاقتصادية التي تجعل من الصعب إيجاد حل مستدام. إن الدائرة السياسية في ليبيا تتشابك فيها المصالح وتتقاطع فيها الأجندات، مما يعوق أي جهود صادقة لتحقيق الاستقرار.
وتتابع بحيح: “إن بقاء مفاصل الدولة الاقتصادية والقرار فيها متركزًا في يد أشخاص، وليس مؤسسات ووفق ما ينظمه القانون، لن يؤدي إلى نتائج مغايرة عن السابقة”. إن التركيز الاقتصادي والقرار السياسي في يد قلة، بدلاً من أن يكون في يد مؤسسات تلتزم بالقوانين، يعيق بناء دولة القانون والمؤسسات ويجعل من الصعب التقدم نحو حل شامل ومستدام للأزمة.
العرفي يحذر: إدارة الصراع بدلاً من حل الأزمة في ليبيا
وسط هذه الأزمة، يُلقي عضو مجلس النواب، عبد المنعم العرفي، الضوء على بعض الخلفيات السياسية المعقدة. فهو يرى أن “استقالة المبعوث السابق عبد الله باتيلي كانت تمهيدًا لقيادة خوري للبعثة الأممية لتنفيذ أجندة واشنطن”. ويضيف العرفي، “أن واشنطن سعت لتولي خوري قيادة البعثة لتنفيذ أجندتها ورؤيتها في ليبيا، على حساب الشعب الليبي، وما يحدث في الوقت الراهن هو عبارة عن إدارة للصراع لا لحله”.
الحوار وتوزيع الثروات
ويرى العرفي أن الحل الأمثل للأزمة الليبية يكمن في “الجلوس على طاولة الحوار بين الأطراف الليبية، والتوزيع العادل للثروات”. هذه الدعوة إلى الحوار والتوزيع العادل للثروات تعكس آمال الشعب الليبي في الوصول إلى حل دائم ومستدام للأزمة الراهنة. ولكنه يؤكد، “أن هذا ما يجب أن تدعمه جامعة الدول العربية ودول الجوار الليبي، في ظل صعوبة حسم الخلاف عبر الأطراف الدولية، أو البعثة التي فشلت حتى الآن في الحل”.
الفشل السابق للبعثة الأممية
ولا يغفل العرفي عن الإشارة إلى الفشل السابق للبعثة الأممية، موضحًا “أن البعثة الأممية فشلت رغم الاقتراب من خطوة إجراء الانتخابات في وقت سابق، بعد توافق بين مجلسي النواب والدولة، وإصدار القوانين الانتخابية، وتحديد موعد الانتخابات التي كانت مقررة في 24 ديسمبر 2021”.
بن شرادة: واشنطن والبعثة الأممية في ليبيا بين الأجندات والصراعات
من جانبه، يضيف سعد بن شرادة، عضو مجلس الدولة، بعدًا آخر لهذه الرؤية، معلقًا على دور ستيفاني خوري في البعثة الأممية، قائلاً: “إن نائبة رئيس البعثة الأممية في ليبيا، ستيفاني خوري، تسعى لتجربة ستيفاني وليامز في وقت سابق، والتي كانت تنفذ الأجندة الأمريكية في ليبيا”. لكنه يشير إلى أن “خوري لا يمكنها تكرار تجربة وليامز، خاصة أن واشنطن ترى أنها هي ما يمكنها تنفيذ رؤيتها، لكن المتغيرات على الأرض باتت لا تسمح بذلك”.
الإحاطة أمام مجلس الأمن
وتظهر تعليقات بن شرادة عمق الأزمة عندما يشير إلى “أن الإحاطة التي تقدمت بها خوري أمام مجلس الأمن، توضح منهجية ‘إدارة الصراع’ لا حل الأزمة، في ظل تباينات واختلافات بين الدول الفاعلة في المشهد، ما يحول دون حل الأزمة الليبية في الوقت الراهن”.
ويختم بن شرادة حديثه مؤكداً “أن واشنطن من الدول المتدخلة بشكل سلبي في الأزمة الليبية منذ سنوات، مع الوضع في الاعتبار عدم التوافق بين الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن على رؤية واحدة، وهو ما يؤكد عدم إمكانية وضع حلول توافقية تفضي إلى الخروج من الأزمة المستمرة في ليبيا”.
إن هذه التعليقات والرؤى من بحيح، العرفي، وبن شرادة تعكس واقعاً معقداً وصعباً يواجه ليبيا. لا شك أن الحل يكمن في تحقيق توافق داخلي بين الأطراف الليبية وإيجاد صيغة مشتركة للتعايش السلمي وبناء الدولة على أسس من العدالة والمساواة في توزيع الثروات. ويبقى الأمل معقوداً على جهود دول الجوار والمنظمات الإقليمية والدولية في دعم ليبيا للخروج من هذه الأزمة المستمرة، والاتجاه نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.