تعيش ليبيا حالة من الفوضى والانفلات الأمني الذي يهدد بتفجير الأوضاع وإعادة البلاد إلى دوامة العنف التي عاشتها في 2011. مع كل يوم يمر، تتجلى حالة الضعف والعجز التي تعاني منها حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، والتي تبدو غير قادرة على فرض النظام أو إحكام السيطرة على الفصائل المتناحرة. معبر رأس جدير الحدودي مع تونس هو أحد أبرز الأمثلة على هذا الفشل، حيث تأجل افتتاحه للمرة الثالثة في ظل تفاقم التوترات والاشتباكات المسلحة.
التكبالي: معبر رأس جدير شاهد على الفوضى العارمة في ليبيا
علي التكبالي، عضو مجلس النواب، وعضو لجنة الأمن القومي أعرب عن قلقه الشديد إزاء الأوضاع الراهنة، مؤكداً أن ما يحدث في معبر رأس جدير يعكس حالة الفوضى التي تعيشها ليبيا. التكبالي شدد في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” ، على أن البلاد بعيدة عن الاستقرار وتحتاج إلى قيادة قوية وحكومة حقيقية قادرة على مواجهة التحديات وإعادة الأمن والنظام.
التكبالي: على المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته تجاه ليبيا
التكبالي أشار إلى أن المجتمع الدولي يجب أن يتحمل مسؤوليته في دعم ليبيا ومساعدتها على الخروج من هذا المأزق. وأوضح أن الفشل في إعادة فتح معبر رأس جدير لا يدل فقط على ضعف الحكومة، بل يعكس أيضاً انعدام السيطرة وانتشار الفوضى التي تسمح لكل قبيلة أو مجموعة مسلحة بأن تفعل ما تريد دون رادع أو حساب. هذا الوضع، بحسب التكبالي، يجعل من الصعب تحقيق أي تقدم نحو الاستقرار، بل يهدد بإعادة البلاد إلى مربع الصفر.
الأحداث الأخيرة في مدينة زوارة تعكس أيضاً هذه الحالة من الفوضى. اشتباكات مسلحة بين عناصر تابعة للغرفة العسكرية في زوارة وأخرى تابعة للحداد أسفرت عن إصابة مدنيين وتضرر بعض المنازل. هذه الاشتباكات تأتي في وقت حساس، حيث أعلنت غرفة عمليات زوارة حالة النفير العام، مما يزيد من تعقيد الأوضاع ويبرز عجز الحكومة عن فرض النظام.
رئيس المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، الهادي برقيق، أعرب عن أسفه العميق لما يحدث في زوارة، محملاً حكومة الوحدة الوطنية ووزير داخليتها المكلف مسؤولية التصعيد. برقيق أكد أن ما يحدث هو انتهاك صارخ لحقوق المدنيين واستهداف للأطفال والأبرياء، وطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالتدخل لحماية السكان من الحرب العرقية والقبلية التي تقودها الحكومة.
في ظل هذه الأجواء المشحونة، يبدو أن حكومة الدبيبة تواجه تحديات ضخمة في محاولة إعادة فتح معبر رأس جدير. كان من المقرر افتتاح المعبر صباح الاثنين، لكن الفشل في التوافق مع ممثلي مدينة زوارة أجهض هذه المحاولة. رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبدالكبير، أشار إلى أن إعادة فتح المعبر تعتمد على نتائج الاجتماع الأمني بين رئيس حكومة الوحدة والأجهزة الأمنية. هذا التأجيل المستمر يعكس عدم قدرة الحكومة على إدارة الملفات الحساسة والتنسيق مع الأطراف المعنية لضمان استمرارية العمل في المعابر الحيوية.
التوترات الأمنية لم تتوقف عند هذا الحد، حيث تعرضت دورية عسكرية تونسية لهجوم مسلح قرب الحدود الليبية، مما أسفر عن مقتل جندي تونسي. وزارة الدفاع التونسية أعلنت أن الهجوم وقع أثناء تنفيذ الدورية لمهامها العادية، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة ويعكس حالة الانفلات التي تعاني منها ليبيا.
التكبالي: القبائل والمجموعات المسلحة تفعل ما تشاء في ظل غياب الحكومة الفعالة
عضو مجلس النواب علي التكبالي يعتبر أن الذين أوصلوا ليبيا إلى هذه الحالة هم من يتحملون المسؤولية المعنوية والأدبية عن الفوضى الحالية. الفشل في فرض النظام وتأمين الحدود يعكس ضعف الحكومة وعدم قدرتها على مواجهة التحديات الأمنية والسياسية.
في هذا السياق، عقد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة اجتماعاً لمتابعة الترتيبات النهائية لإعادة افتتاح معبر رأس جدير. الاجتماع ضم وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي، ومعاون رئيس الأركان العامة صلاح النمروش، وعدد من المسؤولين الأمنيين. خلال الاجتماع، أكد الدبيبة على ضرورة توحيد الجهود بين كافة المؤسسات وتنظيم العمل بالمعبر وتسهيل الإجراءات أمام المواطنين. لكن هذه الوعود تبدو غير قابلة للتحقيق في ظل الانقسامات والتوترات المستمرة.
الوضع في ليبيا يتطلب تدخلاً جاداً ومستداماً من كافة الأطراف المعنية. حكومة الدبيبة تحتاج إلى تعزيز تعاونها مع الدول المجاورة، مثل تونس، لضمان تأمين الحدود ومنع تكرار الهجمات المسلحة. كما يجب على المجتمع الدولي أن يلعب دوراً أكبر في دعم الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار في البلاد.
التكبالي أشار إلى أن ليبيا تحتاج إلى يد قوية وحكومة قادرة على فرض النظام وإدارة الأزمات بفعالية. بدون ذلك، ستظل البلاد عرضة للفوضى والانقسامات التي يمكن أن تؤدي إلى حرب أهلية جديدة. إن إعادة بناء الثقة بين الفصائل المتصارعة وتعزيز التعاون مع الدول المجاورة هما مفتاح الحل، لكن هذا يتطلب قيادة قوية وفعالة قادرة على توحيد الجهود وتحقيق التوافق.
في الختام، يمكن القول إن الفشل في إعادة فتح معبر رأس جدير يعكس حالة الفوضى التي تعيشها ليبيا ويبرز ضعف الحكومة الحالية. الوضع يتطلب جهوداً جادة ومستدامة لإعادة بناء الثقة وتحقيق الاستقرار. المجتمع الدولي يجب أن يتحمل مسؤوليته في دعم ليبيا، والحكومة الليبية بحاجة إلى قيادة قوية وقادرة على مواجهة التحديات وإعادة الأمن والنظام إلى البلاد. الوقت ليس في صالح ليبيا، وأي تأخير في التعامل مع هذه التحديات قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على مستقبل البلاد والمنطقة بأسرها.