في خطوة حاسمة تحمل بين طياتها الأمل والتحديات، أعلن عقيلة صالح رئيس مجلس النواب عن فتح باب الترشح لشغل منصب رئيس الحكومة. من المقرر أن يتم قبول الترشيحات اعتباراً من يوم غد الأحد الموافق 28 يوليو الحالي وحتى الحادي عشر من أغسطس المقبل. ويأتي هذا الإعلان كإشارة واضحة على التحرك نحو تشكيل حكومة جديدة في ليبيا، حكومة يُنتظر منها أن تُشرف على تنظيم الانتخابات المقبلة وتوجيه البلاد نحو استقرار سياسي واقتصادي.
عبدالله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب، أكد في تصريحاته أنه لا يوجد أي عائق قانوني يعيق فتح باب الترشح لهذا المنصب، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تمت وفق الألية المعتمدة من مجلسي النواب والدولة. هذه التصريحات جاءت لتبديد أي شكوك حول شرعية هذا الإجراء وتعزيز الثقة في العملية السياسية الجارية.
أسماء الخوجة، عضو مجلس النواب، أوضحت أن هذا الإعلان جاء بناء على اتفاق بين أعضاء مجلسي النواب والدولة خلال اجتماعهم في القاهرة. وأشارت إلى أن من بين الأسماء المترشحة التي قدمت أوراقها لرئيس المجلس لهذا المنصب هما عصام أبو زريبة وعبد الحكيم بعيو، مع انتظار باقي ملفات المترشحين. وعلى الرغم من ترحيب الأمم المتحدة بهذه الخطوة، اعتبرت الخوجة أن هذا الترحيب مجرد مجاملة وبروتوكولات سياسية، مؤكدة أن حل الأزمة الليبية يجب أن يأتي من خلال ممثلي الشعب، أي مجلسي النواب والدولة.
من جانبه، أكد عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي على إحراز تقدم في تنفيذ مسار مخرجات اجتماع القاهرة، مشيراً إلى أن عدد المتحصلين على التزكيات المطلوبة للترشح لرئاسة الحكومة الجديدة بلغ قرابة 8 أشخاص حتى الآن. وأضاف أن المترشحين حصلوا على تزكيات من أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة، وأن مجلس النواب سيخصص جلسته المقبلة للتداول حول الحكومة الجديدة التي ستشرف على تنظيم الانتخابات. كما أشار إلى أن المجلس قد يعلن خلال جلسته المقبلة فتح قبول ملفات المترشحين لرئاسة الحكومة.
تكتل إحياء ليبيا رحب بدوره بالإعلان الصادر عن رئاسة مجلس النواب، وأعلن عزمه تقديم ملف مرشحه الدكتور عارف النايَض لهذا المنصب. وفي بيان صادر عن التكتل، أكد على أهمية التواصل المكثف مع شركاء الوطن من كافة الأطياف السياسية والاجتماعية، ومع الكتل والأفراد في مجلس النواب ومجلس الدولة، لتحقيق التوافق الوطني اللازم لتولي هذا المنصب الهام.
وفي السياق ذاته، أكد عضو مجلس الدولة الاستشاري سعد بن شرادة أن اجتماع رؤساء المجالس الثلاثة لن يعقد قبل انتخابات رئيس مجلس الدولة. وأشار إلى أن تشكيل الحكومة الجديدة يستند إلى خارطة طريق متفق عليها بين أعضاء مجلسي النواب والدولة، موضحاً أن الإعلان عن البدء في تشكيل الحكومة الجديدة منوط بالبرلمان، الذي لم يعلن حتى اللحظة عن فتح باب الترشح لرئاسة الحكومة المقبلة. وأشار إلى أن ملف تشكيل الحكومة سيُناقش غالباً بعد 5 أغسطس المقبل.
أما أمينة المحجوب، عضو مجلس الدولة، فقد علقت على إعلان عقيلة صالح فتح باب الترشح لشغل منصب رئيس الحكومة بأنه كان نتيجة للقاء القاهرة. وذكرت أن هذا القرار لا يمثل مجلس الدولة بل يمثل الكتلة التي اجتمعت مع أعضاء من مجلس النواب، مضيفة أن مجلس الدولة لم يناقش أو يتفق على هذه الآلية، وإذا لم يوافق المجلس فلن يكون هناك أي تزكيات للمترشحين.
بهذه التصريحات والتحركات السياسية المتسارعة، يتضح أن ليبيا على أعتاب مرحلة جديدة قد تحمل في طياتها التغيير المرتقب. ومع ذلك، تبقى التحديات كبيرة والمعوقات قائمة، ولكن الإرادة السياسية والتوافق الوطني قد يكونان المفتاح لتحقيق الاستقرار والازدهار المنشود.
يبقى السؤال مطروحاً حول مدى قدرة الأطراف الليبية على تجاوز خلافاتها وتحقيق توافق حقيقي يضمن تشكيل حكومة قوية وقادرة على إدارة المرحلة الانتقالية بكفاءة. إن الأشهر القليلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار الأحداث، وكل الأعين تتجه نحو ليبيا بترقب وحذر.