في مشهد يعكس القلق والترقب، تواجه مدينة مصراتة أزمة صحية غير مسبوقة تهدد اقتصادها الزراعي وحياة سكانها. فمنذ شهر سبتمبر الماضي، بدأ مرض الجلد العقدي بالتفشي بين الأبقار في المدينة، محولًا مصراتة إلى منطقة موبوءة بهذا المرض الذي لم يشهد له مثيل منذ سنوات طويلة.
5000 رأس من الأبقار مصابة و2500 رأس نافقة
سالم البدري، مدير مكتب الصحة الحيوانية بمصراتة، أوضح في تصريح خاص لأخبار ليبيا 24، أن الوضع الحالي يعد كارثيًا بكل المقاييس. حيث بلغ عدد الأبقار المصابة بالمرض حتى الآن حوالي 5000 رأس، فيما نفقت أكثر من 2500 رأس من الأبقار الحلوبة. وأشار البدري إلى أن السبب الرئيسي وراء هذا الانتشار السريع للمرض يعود إلى غياب التحصينات البيطرية التي لم يتم تزويد المدينة بها منذ عشر سنوات كاملة، بالإضافة إلى دخول الأبقار بطرق غير شرعية من السودان.
غياب التحصينات منذ 10 سنوات ودخول أبقار غير شرعية
وقال البدري: “لقد قمنا بمناشدة الحكومة مرات عديدة لتوفير التحصينات اللازمة لمكافحة هذا المرض، ولكن للأسف لم نلقَ أي استجابة حتى الآن. إن عدم الاستجابة لمطالبنا قد فاقم من حدة الأزمة، مما جعلنا نتوجه لمنظمة الفاو التي وفرت لنا تحصينات منذ خمسة أيام فقط. وقد اجتمعنا اليوم مع المربين لتنظيم عملية التحصين وفق تعليمات المنظمة.”
مناشدات الحكومة دون جدوى وتحرك منظمة الفاو مؤخراً
أثر هذا المرض بشكل مباشر على الإنتاج المحلي من الحليب، حيث انخفض الإنتاج اليومي من 70 ألف لتر إلى أقل من 20 ألف لتر فقط. هذا الانخفاض الكبير في الإنتاج سيؤثر بشكل حتمي على الاقتصاد المحلي للبلدية، خاصة وأن هناك مشاريع كبيرة تعتمد على هذا الإنتاج بشكل أساسي.
وأوضح البدري أن “الأمر يتطلب إجراءات صارمة للتخلص من الأبقار المصابة بالكامل واستبدالها بأبقار سليمة يتم تحصينها بشكل دوري بجميع التحصينات اللازمة. إذا لم نتمكن من السيطرة على انتشار هذا المرض الآن، فإن نسبته ستزداد بشكل كبير في فصل الشتاء، نظرًا لأنه ينتشر بشكل أسرع في درجات الحرارة المنخفضة.”
تأثيرات شديدة على المشاريع المحلية المعتمدة على إنتاج الحليب
من ناحية أخرى، كشف البدري أن مرض الحمى القلاعية بدأ أيضًا في الانتشار بين الأبقار، ولكنه لا يزال تحت السيطرة بنسبة كبيرة. وأكد أن الجهود متواصلة لمكافحة هذا المرض أيضًا ومنعه من الانتشار بشكل أكبر.
من الواضح أن الأزمة التي تمر بها مصراتة تتطلب تضافر جميع الجهود المحلية والدولية للحد من تفشي هذا المرض القاتل للأبقار، وضمان توفير التحصينات البيطرية اللازمة بشكل دوري ودائم. فالوضع الحالي لا يحتمل التأجيل أو التراخي في اتخاذ القرارات المناسبة التي تضمن حماية الثروة الحيوانية والاقتصاد المحلي للمدينة.