في خطوة تعكس تعقيد المشهد السياسي، أعلنت نعيمة الحامي، عضو مجلس الدولة، أن المجلس سيعقد انتخابات مكتب الرئاسة الأسبوع القادم. تأتي هذه الخطوة في ظل حالة من التوتر السياسي بين مجلس الدولة ومجلس النواب، والتي تصاعدت بشكل كبير عقب البيان الذي أصدره رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، والذي وصفته الحامي بأنه محاولة لخلط الأوراق وتجاوز الاتفاقات السابقة.
وأوضحت الحامي في تصريحات تلفزيونية رصدتها “أخبار ليبيا 24″ أن البيان الأخير لعقيلة صالح يعكس نية غير واضحة وقد يسبب مزيدًا من التعقيد في المشهد السياسي. الاتفاق الذي تم في القاهرة برعاية جامعة الدول العربية بين الأطراف كان يهدف إلى تشكيل حكومة موحدة لإجراء الانتخابات، لكن تصريحات عقيلة الأخيرة وضعت هذا الاتفاق في مهب الريح.
من جهة أخرى، يشترط محمد تكالة، المرشح لرئاسة مجلس الدولة، أن تكون هناك قوانين انتخابية متفق عليها، وأن يتم العودة لمخرجات لجنة 6+6. ومع ذلك، فإن هذا الاتفاق يتطلب آلية واضحة لكيفية تشكيل الحكومة، سواء عن طريق الانتخاب أو عن طريق دمج الحكومتين الحاليتين.
وأضافت الحامي أن اعتماد مجلس النواب للميزانية خارج القوانين واللوائح الدستورية كان أحد الأسباب الرئيسية لتأجيل لقاء القاهرة الذي كان من المقرر أن يجمع الأطراف المختلفة. هذا التصرف أثار استياء تكالة ودفعه إلى تأجيل الذهاب للقاهرة، مما زاد من تعقيد الأمور.
تتواصل الحامي في تحليلها للأوضاع مشيرة إلى أن مجلس الدولة لم يحدد حتى الآن آليات واضحة لتنفيذ الاتفاقات، مؤكدة أن أي نقاش حول تزكية حكومة جديدة لن يتم إلا بعد إجراء الانتخابات لمكتب الرئاسة. وصدر بيان رسمي يوضح موقف مجلس الدولة، محملاً مجلس النواب وعقيلة صالح المسؤولية عن هذه الإجراءات الأحادية الجانب.
في الوقت نفسه، تتجه الأنظار إلى انتخابات رئاسة مجلس الدولة، حيث أعلن كل من محمد تكالة وخالد المشري ترشحهما لهذا المنصب. وتقول الحامي إن لائحة المجلس لا تضع فترة زمنية محددة للترشح، مما يفتح الباب أمام ترشح أعضاء آخرين في اللحظة الأخيرة.
وفي معرض حديثها عن تصرفات عقيلة صالح، ترى الحامي أن هذه التصرفات ربما تعكس نية غير معلنة من جانبه، وأنها تسهم في خلط الأوراق بشكل أكبر. وتضيف أن اللقاءات التي تجري بين بعض أعضاء مجلس النواب ومجلس الدولة خارج نطاق المجلس الرسمي لا تمثل الكتلة الأكبر من الأعضاء، وبالتالي فإن عقيلة يعتمد على هذه اللقاءات لتحقيق أهدافه الشخصية.
وبالرغم من كل هذه التعقيدات، تبقى هناك بارقة أمل في إمكانية التوصل إلى حلول توافقية تعيد الاستقرار إلى المشهد السياسي الليبي. ومع اقتراب موعد انتخابات مكتب الرئاسة في مجلس الدولة، يتطلع الجميع إلى نتائج هذه الانتخابات وما قد تحمله من تغييرات في موازين القوى السياسية داخل المجلس.
في النهاية، يبقى السؤال الأكبر هو إلى أين يتجه المشهد السياسي الليبي في ظل هذه التجاذبات؟ وهل ستتمكن الأطراف المختلفة من تجاوز خلافاتها والوصول إلى توافق حقيقي يمهد الطريق لإجراء الانتخابات العامة وتشكيل حكومة موحدة تحقق تطلعات الشعب الليبي في الاستقرار والتنمية؟
يبقى الأمل معلقًا على قدرة القادة السياسيين على التحلي بالحكمة والمرونة، وعلى قدرة المؤسسات الليبية على تجاوز هذه المرحلة الحرجة والتوجه نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا. وفي ظل هذه التحديات، تظل عيون الشعب الليبي تتطلع إلى قادته بترقب وأمل في أن يتمكنوا من تحقيق التغيير المنشود ووضع حد لحالة الفوضى التي تعيشها البلاد منذ سنوات.