أهالي ترهونة ينتفضون: النائب الفرجاني بين قيود الظلم وصوت العدالة
منذ أشهر عديدة، يعيش أهالي مدينة ترهونة في حالة من الغليان والتوتر، بعد احتجاز النائب حسن الفرجاني سالم، عضو مجلس النواب عن دائرتهم، من قبل قوات الردع الخاصة. تطورات متسارعة شهدتها الأيام الماضية، حيث خرجت حشود غفيرة من أبناء المدينة في مسيرات احتجاجية، مطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن النائب الفرجاني، محملين الرئاسي وحكومة الدبيبة منتهية الولاية كامل المسؤولية عن سلامته.
قرار النائب العام وأزمة الاستجابة
لم تكن هذه الاحتجاجات وليدة اللحظة، بل جاءت بعد سلسلة من الأحداث المتعاقبة التي بدأت في 27 فبراير 2023، عندما تم اختطاف النائب حسن الفرجاني سالم من أمام مقر “هيئة الرقابة الإدارية” في طرابلس. منذ ذلك الحين، وُضع الفرجاني في سجن معيتيقة، خاضعًا لاحتجاز تعسفي ومعزولًا عن العالم الخارجي. ورغم صدور قرار من النائب العام بالإفراج عنه دون قيد أو شرط، إلا أن الجهة القابضة لم تستجب للأمر، مستمرة في احتجازه دون أي مبرر قانوني.
نداءات الأهالي ومطالبهم
في بيان مرئي، تحصلت “أخبار ليبيا 24 على نسخة منه”، عبر عدد من أهالي ومكونات ترهونة عن استيائهم الشديد من استمرار احتجاز النائب الفرجاني، مستنكرين في الوقت ذاته القبض على شقيقه وابن عمه أثناء زيارتهما له بمقر النيابة العسكرية. حمّل البيان الرئاسي وحكومة الدبيبة منتهية الولاية ومكتب المدعي العام العسكري المسؤولية الكاملة عن سلامة المحتجزين، داعيًا جميع الجهات المعنية ومشائخ القبائل والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية، بالإضافة إلى البعثة الأممية، إلى التدخل العاجل لإطلاق سراح الفرجاني.
الضغط الدولي ودور المنظمات الحقوقية
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل انضمت منظمة العفو الدولية إلى أصوات المحتجين، في وقت سابق متهمة قوات الردع الخاصة بارتكاب جرائم خطف واحتجاز تعسفي بحق النائب حسن الفرجاني سالم. في بيان شديد اللهجة، أعربت المنظمة عن قلقها البالغ إزاء احتجاز الفرجاني بمعزل عن العالم الخارجي، محملة قوات الردع مسؤولية اعتقالات تعسفية واختفاء قسري وتعذيب.
مجلس النواب يتحرك
وفي إطار الجهود المبذولة للإفراج عن النائب الفرجاني، دان مجلس النواب في وقت سابق حادثة اختطافه، معتبرًا أن هذا العمل يشكل انتهاكًا صارخًا للحصانة البرلمانية المكفولة بموجب القانون. في بيانه رقم “2” لسنة 2023، طالب المجلس النائب العام باتخاذ الإجراءات القانونية كافة لمعرفة الجناة وتقديمهم إلى العدالة، مشددًا على ضرورة الإفراج الفوري عن النائب الفرجاني.
قضية الفرجاني في المحافل الدولية
لم تقف جهود الضغط عند الحدود المحلية، فقد أحالت منظمة الكرامة قضية حسن الفرجاني وشقيقه محمد سالم إلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في 10 يوليو 2024. وذكرت المنظمة أن قوات الردع الخاصة قامت باعتقال الفرجاني وشقيقه، حيث احتُجزا في قاعدة معيتيقة، التي تُعرف بكونها مركز احتجاز خارج نطاق القانون.
رحلة الاحتجاز القاسية
بدأت معاناة النائب الفرجاني منذ لحظة اختطافه، حيث نُقل إلى معيتيقة واحتُجز بمعزل عن العالم الخارجي لأكثر من شهرين. لم يُسمح له بأول زيارة عائلية إلا في 9 مايو 2023، وبعدها بأخرى واحدة قبل أن يُفقد الاتصال به مجددًا منذ مارس 2024. وخلال جلسة استماع في محكمة الفرناج العسكرية في 22 مايو 2023، أُبلغ الفرجاني بالتهم الموجهة إليه، التي تتضمن “الانضمام إلى عصابة إجرامية”، دون أي تفاصيل محددة. رغم أن المدعي العام نفسه طالب بالإفراج عنه، إلا أن المحكمة أمرت باستمرار احتجازه تحت ضغط الميليشيات.
اعتقال الشقيق محمد سالم
لم يكن النائب الفرجاني الضحية الوحيدة لهذه الأحداث، بل شملت الانتهاكات شقيقه محمد سالم، الذي اعتقل في 31 سبتمبر 2023 لدى وصوله إلى محكمة الفرناج العسكرية لحضور محاكمة شقيقه. احتُجز محمد سالم في سجن معيتيقة بمعزل عن العالم الخارجي لثلاثة أشهر، حتى سمح له بأول زيارة عائلية في 19 يناير 2024. وأفادت عائلته برؤية علامات الضرب على وجهه ويديه، مما يعكس ظروف الاحتجاز القاسية التي تعرض لها.
النداء الأخير
في ضوء هذه التطورات المتسارعة والأحداث المؤلمة، يبقى صوت أهالي ترهونة عاليًا ومطالبهم واضحة: الإفراج الفوري وغير المشروط عن النائب حسن الفرجاني، وتحميل الجهات المعنية المسؤولية الكاملة عن سلامته. إن قضية الفرجاني ليست مجرد قضية فردية، بل هي رمز لنضال شعب يبحث عن العدالة والحرية في وجه الظلم والاستبداد.