أطلقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” تحذيراً شديد اللهجة بشأن الوضع المتفاقم لسوء التغذية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشيرة إلى أن هذه الأزمة تشكل تهديداً وجودياً لأجيال كاملة من الأطفال، بما فيهم أولئك الذين يعيشون في ليبيا. يأتي هذا التحذير في ظل تفاقم التحديات التي تواجهها المنطقة، والتي تشمل الصراعات المستمرة، عدم الاستقرار السياسي، الصدمات المناخية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
الأزمة الليبية: واقع مرير وتحديات مزدوجة
في ليبيا، تبرز مشكلة سوء التغذية بشكل خاص، حيث يعاني الأطفال من تحديات مزدوجة تتمثل في زيادة الوزن والتقزم. تشير الإحصائيات إلى أن واحداً من كل ثلاثة أطفال ويافعين في سن المدرسة يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، بينما يعاني 24 مليون طفل آخرين من نقص التغذية، بما في ذلك التقزم والهزال والنحافة. إن هذه الأرقام تعكس حجم الكارثة الصحية التي تواجهها ليبيا، والتي لا يمكن تجاوزها إلا بتضافر الجهود المحلية والدولية.
المنطقة العربية: بين سوء التغذية وزيادة الوزن
لا تقتصر هذه الأزمة على ليبيا فقط، بل تمتد لتشمل العديد من الدول العربية الأخرى. في مصر، على سبيل المثال، تعاني نسبة كبيرة من الأطفال من نفس التحديات، حيث تتشابك مشاكل التقزم وزيادة الوزن في وقت واحد. وذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في بيان لها أن هذه الأزمات تتطلب استجابات مخصصة تأخذ في الاعتبار الظروف المحلية لكل دولة على حدة.
الأسباب الكامنة وراء الأزمة
تعود أسباب تفاقم أزمة سوء التغذية في المنطقة إلى عدة عوامل مترابطة. أولها، الصراعات المستمرة التي تعيق وصول المساعدات الإنسانية وتحرم الأطفال من حقهم في الحصول على غذاء مغذي. ثانياً، عدم الاستقرار السياسي الذي يضعف الحكومات ويجعلها عاجزة عن تنفيذ السياسات اللازمة لمكافحة سوء التغذية. ثالثاً، الصدمات المناخية التي تؤدي إلى تراجع الإنتاج الزراعي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، مما يزيد من صعوبة حصول الأسر الفقيرة على الطعام الصحي.
التحديات العالمية وتأثيرها على المنطقة
على الصعيد العالمي، لا تزال مشكلة سوء التغذية تشكل تحدياً كبيراً. وفقاً للتقديرات الأخيرة، واجه نحو 733 مليون شخص حول العالم الجوع في عام 2023، وهو مستوى ثابت على مدى ثلاث سنوات بعد الارتفاع الحاد الذي شهده العالم في أعقاب جائحة كوفيد-19. تؤكد “يونيسف” أن هذه الأرقام تبين حجم التحديات التي تواجهها المنطقة، وأن هناك حاجة ماسة إلى تدخلات عاجلة للحد من هذه الأزمة المتفاقمة.
التوصيات والحلول المقترحة
للتغلب على هذه الأزمة، توصي “يونيسف” بضرورة إعطاء الأولوية للتغذية في خطط التنمية الوطنية للدول العربية. يجب على الحكومات أن تضع سياسات واضحة تهدف إلى تحسين تغذية الأطفال وضمان وصولهم إلى الأطعمة الصحية والمغذية. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي التركيز على التوعية بأهمية التغذية السليمة وتقديم الدعم للأسر الفقيرة لتمكينها من توفير غذاء صحي لأطفالها.
في نهاية المطاف، لا يمكن لأي دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تتجاهل هذه الأزمة. إن استمرار الوضع الحالي يهدد مستقبل الأجيال القادمة ويضعف من قدرتها على النمو والتطور والازدهار. لذلك، يجب أن تكون مواجهة سوء التغذية أولوية قصوى لكل الدول في المنطقة، لضمان مستقبل أفضل لأطفالها.