في خطوة سياسية تعكس رغبة حقيقية في تحقيق الاستقرار في ليبيا، أعرب المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، عن ترحيبه الحار بما ورد في البيان الصحفي الصادر عن مجلس الأمن الدولي بتاريخ 28 أغسطس 2024. جاء هذا الترحيب في إطار دعوة واضحة لجميع الأطراف الليبية إلى التهدئة والتوقف الفوري عن اتخاذ أي إجراءات أو إصدار قرارات من شأنها تعميق الانقسام المؤسسي وزعزعة الاستقرار في البلاد.
لقد كانت كلمات المستشار عقيلة صالح صريحة ومباشرة، مشددة على ضرورة الالتزام ببنود الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي الذي يحدد صلاحيات واختصاصات مجلس النواب، خاصة فيما يتعلق بتكليف المناصب السيادية. وأكد صالح أن القرار الأخير بشأن تكليف محافظ جديد ومجلس إدارة للمصرف المركزي يعتبر معدومًا، لأنه صدر من جهة غير مختصة ويفتقد للأسس القانونية التي يستند إليها، بل ويخالف الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي الذي أبرم في ظروف معقدة وبذلت من أجله جهود مضنية لتوحيد المصرف المركزي.
يأتي تصريح رئيس مجلس النواب في وقت حساس تعيش فيه ليبيا مرحلة مفصلية تتسم بالضبابية السياسية والانقسامات العميقة. تعكس هذه التصريحات حرص مجلس النواب على تثبيت دعائم الاستقرار في البلاد، وذلك من خلال دعوة الأطراف المختلفة إلى الحوار والابتعاد عن اتخاذ خطوات أحادية من شأنها تقويض الجهود المبذولة لتحقيق الوحدة الوطنية.
تشير مواقف عقيلة صالح إلى إدراك عميق لأهمية المصالحة الوطنية والابتعاد عن التصعيد الذي لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسام. فبدلاً من الانجرار وراء سياسة فرض الأمر الواقع، يدعو صالح جميع الأطراف إلى العودة لطاولة المفاوضات وتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الفئوية أو الشخصية.
إن دعوة صالح للالتزام بالإعلان الدستوري والاتفاق السياسي تأتي في وقت تحتاج فيه ليبيا إلى توافق حقيقي على الأسس الدستورية والسياسية التي تضمن مشاركة جميع الليبيين في صناعة القرار. ويبدو أن رفضه للقرار الصادر بتكليف محافظ للمصرف المركزي ينبع من حرصه على احترام المؤسسات وعدم تجاوز صلاحياتها، وهو ما يعكس رغبة واضحة في ترسيخ دولة القانون والمؤسسات.
هذا الرفض يعكس موقفًا صلبًا في مواجهة أي محاولات لتجاوز المؤسسات الشرعية أو الالتفاف على الاتفاقات السياسية التي أبرمت بحضور جميع الأطراف. يدرك صالح أن استقرار ليبيا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال احترام الشرعية الدستورية والقانونية، والالتزام بالاتفاقات التي تشكل الأرضية المشتركة للانطلاق نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية تحقق طموحات جميع الليبيين.
في سياق آخر، يؤكد عقيلة صالح على التزام مجلس النواب بمخرجات لجنة (66) والقوانين الخاصة بانتخاب رئيس الدولة ومجلس الأمة. وفي ظل الحديث المستمر عن تنظيم الانتخابات، يشدد صالح على ضرورة أن تكون هذه الانتخابات تحت رعاية حكومة موحدة جديدة لضمان النزاهة والشفافية، وبالتشاور مع مجلس الدولة. هذه الدعوة تعكس حرص مجلس النواب على الانتقال السلمي للسلطة من خلال عملية انتخابية نزيهة وشفافة، تكون فيها الفرصة متاحة أمام جميع الليبيين للمشاركة في اختيار من يمثلهم ويعبر عن تطلعاتهم.
من جهة أخرى، يجدد رئيس مجلس النواب دعمه لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومساعيها الرامية إلى إخراج البلاد من الأزمة الراهنة. يدعو صالح مجلس الدولة إلى التشاور المستمر مع مجلس النواب بهدف وضع مخرجات لجنة (66) موضع التنفيذ في أسرع وقت ممكن، والمضي قدمًا في المسار السياسي لضمان حماية وحدة البلاد واستقرارها. هذا الدعم يؤكد التزام مجلس النواب بالتعاون مع المجتمع الدولي لتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا، من خلال توفير الدعم اللازم للجهود الأممية ومواصلة العمل من أجل الوصول إلى حل سياسي شامل ومستدام.