فجر يوم غير معتاد في مدينة زليتن، حيث شهدت منطقة وادي أولاد شكر ارتفاعًا مفاجئًا في مستوى المياه. مع بزوغ ساعات الفجر الأولى، تسللت المياه بهدوء من مجاري الوادي لتُحيط بالمخيمين الذين أقاموا بجانب الوادي، دون إدراك كامل لحجم الخطر المحدق بهم. وبينما تمكّن معظم المخيمين من مغادرة المنطقة بسرعة قبل ارتفاع المياه، بقيت بعض السيارات والخيام محتجزة في الوحل والمياه العميقة.
قبل أيام من وقوع الحادثة، أطلقت بلدية زليتن تحذيرات متكررة للمواطنين حول خطورة الاقتراب من مجاري الأودية، خصوصًا مع التوقعات المناخية التي أشارت إلى احتمالية تساقط الأمطار الغزيرة. ومع ذلك، كان تجاهل البعض لهذه التحذيرات هو السبب الرئيسي في احتجاز بعض المخيمين داخل الوادي. الاستخفاف بالتنبيهات الرسمية قاد إلى أضرار مادية كان بالإمكان تفاديها لو تم الالتزام بالإرشادات.
بمجرد تلقي البلاغات عن ارتفاع مستوى المياه واحتجاز بعض المخيمين، استجابت فرق الإنقاذ بشكل فوري. انطلقت الفرق إلى موقع الحادث في وادي أولاد شكر، مجهزة بأدوات ومعدات تمكنها من التعامل مع مثل هذه الحوادث. وخلال ساعات، تمكنت الفرق من إجلاء جميع المحتجزين دون تسجيل أي خسائر بشرية، مما يعكس فعالية التنسيق السريع والتدخل الحاسم في مثل هذه المواقف.
ورغم أن الخسائر البشرية تم تجنبها بفضل التدخل السريع، إلا أن الأضرار المادية كانت ملموسة. السيارات العالقة والخيام التي جرفتها المياه شكّلت أكبر جزء من الأضرار. بعض المخيمين عبّروا عن أسفهم لعدم التزامهم بالتحذيرات، معتبرين أن الوضع كان يمكن تفاديه. ولكن الجميع اتفق على أن سلامة الأرواح أهم من أي خسائر مادية.
المخاطر التي تحيط بالوادي لم تكن مفاجئة تمامًا. فقد أشارت بلدية زليتن منذ فترة إلى ضرورة استكمال العمل في وادي كعام الذي يتصل بوادي أولاد شكر، حيث كان من المخطط تركيب دفاف تمنع تسرب المياه إلى المناطق المجاورة. رغم أن جزءًا من هذا العمل تم تنفيذه، إلا أن التأخير في إتمامه يزيد من احتمالية وقوع حوادث مشابهة في المستقبل.
من الناحية الفنية، تعتبر مجاري الأودية في زليتن معقدة بعض الشيء نظرًا للطبيعة الجغرافية للمنطقة. كما أن التغيرات المناخية السريعة التي تشهدها البلاد زادت من صعوبة التنبؤ بالسيول. رغم جهود البلدية المستمرة في توعية المواطنين وإطلاق حملات تحذيرية، إلا أن ذلك لا يبدو كافيًا دائمًا لدرء الخطر عن المنطقة. فالتحديات التي تواجهها زليتن في هذا الصدد ليست قاصرة فقط على الوعي العام، بل تمتد إلى البنية التحتية والمشاريع غير المكتملة.
لمنع تكرار هذه الحوادث، لا بد من استكمال العمل في وادي كعام بشكل عاجل، مع تحسين البنية التحتية للأودية في المنطقة. كما يجب تعزيز التعاون بين المواطنين والجهات المعنية لضمان الالتزام بالتنبيهات. إنشاء حملات توعية دورية وتثقيف المواطنين بأهمية احترام التحذيرات الرسمية قد يكون الخطوة الأولى لتفادي مثل هذه الكوارث مستقبلاً.
في نهاية المطاف، لا يمكن إنكار أن بلدية زليتن كانت على قدر التحدي في استجابتها السريعة لهذه الحادثة. ومع ذلك، يبقى الأهم هو العمل على تعزيز البنية التحتية واستكمال المشاريع المعلقة لتفادي أي خسائر مستقبلية. فالمياه قد تتسلل بهدوء، ولكن عواقبها قد تكون قاسية ما لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة في الوقت المناسب.