تحذيرات متكررة من السيول الجارفة
ضربت عاصفة شديدة مناطق شمال غربي ليبيا، خاصة مدينة بني وليد، وتسببت في وفاة مواطن بعد أن جرفت السيول سيارته. السيول، التي ارتفع منسوبها بشكل خطير، ألحقت أضرارًا كبيرة بالبنية التحتية وأدت إلى تعليق الدراسة في المدارس والمرافق التعليمية، حتى إشعار آخر.
جاء التحذير الأولي من جهاز الإسعاف والطوارئ في المدينة، الذي أصدر بيانًا حذر فيه المواطنين من خطورة الأوضاع، وطالبهم بتوخي الحذر الشديد والابتعاد عن المناطق المنخفضة التي تتعرض لفيضانات متزايدة. الجهاز أكد أن ارتفاع منسوب المياه من واديي القرجومة والنورة زاد من خطورة الموقف، وأن مياه السيول تجتاح مناطق واسعة من المدينة.
إجلاء العالقين وتدخل قوات الجيش
في ظل هذه الأوضاع الطارئة، اضطر الجيش إلى التدخل لإجلاء العالقين في المناطق الأكثر تضررًا، خاصة على طريق وشتاتة الذي شهد حالة وفاة إثر جرف سيارة المواطن عبد الخالق عوض. سيارة الإسعاف، التي كانت في طريقها لمحاولة إنقاذه، لم تتمكن من الوصول في الوقت المناسب، ما أدى إلى وفاته.
كما شاركت فرق الهلال الأحمر في جهود الإنقاذ والإجلاء، حيث دفعت بفرق الطوارئ لتقديم المساعدة وإنقاذ المواطنين الذين جرفتهم السيول. وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي جهود هذه الفرق في انتشال سيارات معطلة غمرتها مياه السيول.
تعليق الدراسة وتحركات محلية
مع تفاقم الأوضاع الجوية، قررت مراقبة التعليم في بني وليد تعليق الدراسة في المؤسسات التعليمية العامة والخاصة. هذه الخطوة تأتي بعد أن تأكدت السلطات من عدم استقرار الطقس، وحرصًا على سلامة الطلاب والموظفين التعليميين. وقد شملت الأضرار الناجمة عن العاصفة مناطق أخرى في ليبيا، خاصة في الجنوب الذي تعرض لأمطار غزيرة وسيول أدت إلى خسائر كبيرة في الممتلكات والأرواح.
انتقادات للبنية التحتية وضعف الاستجابة الحكومية
بالتزامن مع هذه الأحداث، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالانتقادات اللاذعة الموجهة للسلطات المحلية والحكومة. المتابعون انتقدوا تدهور البنية التحتية في المناطق المتضررة، خصوصًا تهالك الطرق العامة وعدم قدرتها على الصمود أمام السيول الغزيرة. العديد من المواطنين طالبوا بمحاسبة المسؤولين عن هذه الحالة المتردية، وأشاروا إلى أن هذه الفيضانات ليست حدثًا جديدًا بل تكررت عدة مرات خلال الأعوام الماضية.
الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية تركزت بشكل أساسي على الطرق، حيث انهارت أجزاء كبيرة منها تحت وطأة السيول. هذا الانهيار أثر بشكل مباشر على حركة المرور في المدينة والمناطق المحيطة، مما دفع السلطات إلى إغلاق بعض الطرق الرئيسية بشكل مؤقت.
العواصف المتكررة تثير مخاوف من كارثة أكبر
ليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها بني وليد طقسًا عاصفًا. فقد تعرضت المدينة لعواصف مماثلة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، حيث اجتاحت السيول عددًا من المناطق وأدت إلى تدمير بعض المنشآت. وبحسب التقارير المحلية، فإن الأمطار الغزيرة والسيول التي تضرب ليبيا في الفترة الأخيرة تعتبر «غير مسبوقة»، خصوصًا في مدن الجنوب التي تضررت بشكل كبير.
مدينة سبها، الموصوفة بـ«عروس الجنوب»، كانت واحدة من أكثر المناطق تضررًا في العاصفة الأخيرة، حيث أسفرت عن وفاة شخصين وإصابة 39 آخرين بجروح متفاوتة، فضلاً عن تدمير عشرات المنازل.
جهود الإنقاذ والتعافي
بالإضافة إلى التدخل العسكري، قامت جمعية الهلال الأحمر الليبي بدورها في تقديم المساعدة للمتضررين. فرق الطوارئ التي دفعت بها الجمعية إلى بني وليد عملت على مدار الساعة لتقديم الإغاثة وإنقاذ المواطنين العالقين.
أما على صعيد الاستجابة المحلية، فأعلنت الشركة العامة لخدمات النظافة في بني وليد عن جهودها المستمرة لفتح مسارات الطرق التي غمرتها المياه. وفي بيان مقتضب، أكدت غرفة الطوارئ التابعة لها أنها تبذل جهودًا مكثفة لتسهيل عبور المواطنين والحد من الأضرار.
خطر السيول لا يزال قائمًا
رغم الجهود المستمرة، إلا أن الخطر لا يزال قائمًا. مع استمرار الأمطار وتحذيرات الأرصاد الجوية من عواصف إضافية قد تضرب البلاد، يبقى الوضع في بني وليد غير مستقر. السلطات المحلية دعت المواطنين إلى توخي الحذر والابتعاد عن المناطق المنخفضة والأودية التي ترتفع فيها منسوب المياه بشكل سريع.
إخلاء قرية «مصنع 51» من سكانها جاء كإجراء احترازي إضافي، حيث غمرت المياه قرابة 25 منزلاً في المنطقة، ما اضطر السلطات إلى نقل سكانها إلى مدرسة قريبة. ومع ذلك، يبدو أن الوضع يحتاج إلى حلول أكبر وأكثر شمولية للتعامل مع الكوارث الطبيعية المتكررة التي تضرب البلاد.