ليبيا الان

تكالة يستبق الحكم النهائي بتصريحات تُثير الجدل السياسي

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في سياق قانوني طبيعي، أعلنت محكمة استئناف جنوب طرابلس قبول الطعن المقدم من محمد تكالة بشأن الجلسة التي عُقدت لانتخابات هيئة رئاسة مجلس الدولة وفوز خالد المشري. ومع ذلك، من المهم التوضيح أن هذا القبول يقتصر فقط على الجانب الشكلي، أي على صحة إجراءات الطعن من حيث المواعيد وتوافر الشروط القانونية للمتقدم بالطعن. المحكمة لم تفصل بعد في جوهر الدعوى، ولم تُصدر حكماً حول مدى صحة الجلسة نفسها أو بطلان القرارات التي اتخذتها.

قبول الطعن شكلاً هو إجراء روتيني يقوم على فحص ما إذا كان الطعن قُدم في الوقت المناسب وإذا كان المتقدم بالطعن ذو صفة قانونية تسمح له بذلك. بعبارة أخرى، قبول الطعن لا يعني بأي شكل من الأشكال أن الحكم النهائي سيكون لصالح الطاعن، بل هو مجرد خطوة إجرائية في مسار طويل من الفحص القضائي.

بعد إعلان قبول الطعن شكلاً، خرج محمد تكالة بتصريحات سريعة، مرحباً بما وصفه بـ”الحكم” الذي حسم الجدل والخلاف داخل مجلس الدولة. ولكن الحقيقة أن المحكمة لم تفصل في الموضوع بعد، ما يجعل تصريحات تكالة تبدو وكأنها محاولة للتأثير على الرأي العام، وتوجيه النقاش السياسي نحو تصور خاطئ بأن الحكم النهائي قد صدر لصالحه.

تكالة أشار إلى أن هذا “الحكم” يعزز من وحدة مجلس الدولة ويحل الأزمة السياسية التي نشبت داخله. إلا أن هذا الادعاء يبدو سابقاً لأوانه، حيث أن المحكمة لم تنظر بعد في جوهر القضية، ولا تزال أمامها مهمة الفحص والتدقيق في مدى صحة الجلسة التي طُعن فيها.

بالتأمل في تصريحات تكالة، يمكن للمرء أن يتساءل عن النوايا الحقيقية وراء هذه الكلمات. فهل يسعى إلى استغلال الحكم الشكلي من أجل تحقيق مكاسب سياسية؟ يبدو أن تصريحات تكالة تهدف إلى تقديم نفسه كمنتصر سياسي في معركة لم تحسم بعد.

من خلال التركيز على “وحدة المجلس” و”التزامه بقرارات القضاء”، يحاول تكالة إعادة تموضعه كقائد يسعى إلى تهدئة الأجواء المتوترة داخل مجلس الدولة، رغم أن القضية لا تزال في مراحلها الأولية. وقد يكون هذا التوجه محاولة لاستباق القرار القضائي النهائي، وتوجيه الأنظار إلى شخصه كزعيم سياسي قادر على توحيد الصفوف.

القضاء الليبي، بوصفه مؤسسة مستقلة، يتحمل مسؤولية كبيرة في ظل هذه الأجواء السياسية المحتقنة. وبينما ينتظر الجميع قرار المحكمة النهائي، يبقى من المهم التأكيد على أن قبول الطعن شكلاً لا يعكس بأي حال من الأحوال اتجاه المحكمة في الفصل في الموضوع.

تصريحات تكالة التي تبدو وكأنها تجزم بأن الحكم النهائي سيكون لصالحه قد تكون محاولة غير مباشرة لتسييس القضية وإقناع الرأي العام بأن النتائج محسومة سلفاً. ولكن الحقيقة أن القضاء لا يزال في مرحلة المراجعة والتقييم، وستتخذ المحكمة قرارها بناءً على الأدلة والحجج القانونية المطروحة أمامها، وليس بناءً على التصريحات الإعلامية.

مع قبول الطعن شكلاً، يبقى على المحكمة الفصل في جوهر القضية. وهذا يعني أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مصير مجلس الدولة ومخرجات الجلسة الانتخابية التي أُجريت مؤخراً. ولكن حتى تلك اللحظة، يبقى الحكم النهائي غير معلوم، ويفترض أن تبقى القضية ضمن الأطر القانونية دون محاولات للتأثير السياسي.

قد تشهد الأيام المقبلة جلسات إضافية للنظر في الأدلة المقدمة من الطرفين. وقد يكون هناك دور أكبر للمؤسسات القانونية والقضائية في مراقبة سير القضية. المحاكم في ليبيا، خاصة في ظل الأوضاع السياسية الراهنة، تواجه ضغوطات كبيرة للحفاظ على استقلاليتها وضمان اتخاذ قراراتها بناءً على القانون وليس الضغوطات السياسية.

من ضمن تصريحات تكالة كان إعلانه عن نيته دعوة أعضاء مجلس الدولة لعقد جلسة قريبة، واصفاً هذا التحرك بأنه خطوة نحو توحيد المجلس تحت رئاسة واحدة. هذه الدعوة قد تبدو في ظاهرها مسعى لتوحيد الصفوف، ولكن لا يمكن إغفال السياق السياسي الذي تأتي فيه.

فمن ناحية، تكالة يسعى من خلال هذه الخطوة إلى إظهار نفسه بمظهر الزعيم الذي يسعى إلى إنهاء الانقسام، لكن من ناحية أخرى، هذا التحرك يأتي قبل صدور الحكم النهائي في القضية، ما يثير تساؤلات حول مدى قانونية القرارات التي قد تصدر عن مجلس الدولة في حال انعقاده تحت رئاسته قبل حسم القضية.

تكالة لم يكتفِ بالدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الدولة، بل أيضاً حذر من محاولات قد تسعى إلى تقسيم المجلس أو عرقلة دوره السياسي. هذه التحذيرات قد تكون موجهة إلى خصومه السياسيين، ولكنها في الوقت ذاته تطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هذه التحذيرات تعكس قلقاً حقيقياً أم محاولة لتعزيز مواقفه السياسية قبل صدور الحكم النهائي.

في ظل الوضع الحالي، يبقى مجلس الدولة في موقف حساس، حيث أن الانقسامات الداخلية قد تؤدي إلى شلل في عمله السياسي. وتكالة، من خلال تصريحاته، يبدو أنه يسعى إلى إلقاء اللوم على أطراف أخرى في حال تعثرت جهود توحيد المجلس.

مع كل هذه التطورات السياسية والتصريحات الإعلامية، يبقى القضاء الليبي هو الحكم النهائي في هذه القضية. يجب على كافة الأطراف انتظار صدور الحكم النهائي قبل استباق الأحداث أو محاولة توجيه الرأي العام.

قبول الطعن شكلاً لا يعني بأي حال أن القضية قد حُسمت، وإنما هو خطوة إجرائية ضمن مسار طويل من الفحص والتحقيق. التصريحات السياسية التي تحاول استباق الحكم أو التأثير عليه قد تكون مضرة بالعملية القضائية، وتفتح الباب أمام تسييس القضاء في مرحلة تحتاج فيها ليبيا إلى استقلالية مؤسساتها أكثر من أي وقت مضى.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24