تواجه ليبيا تحديات جسيمة تتعلق بالاستقرار السياسي والاقتصادي، حيث تشير الأوضاع الحالية إلى ضرورة ملحة لتشكيل حكومة انتقالية تساهم في إعادة بناء الثقة بين الأطراف السياسية وتؤسس لعملية انتخابية حرة وشفافة. وفي هذا السياق، سلط المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، السفير ريتشارد نورلاند، الضوء على هذه القضايا خلال مقابلة تلفزيونية تابعتها “أخبار ليبيا 24”.
في ظل الأزمات المتعددة التي تعصف بليبيا، أكد نورلاند على أهمية تشكيل حكومة انتقالية. فهو يرى أن هذه الخطوة تعد خطوة أساسية للخروج من حالة الجمود السياسي الذي يعيق أي تقدم نحو الاستقرار. فالحكومة الجديدة يجب أن تتمتع بالشفافية والمساءلة، وهما عنصران أساسيان لضمان أن تكون هناك أسس صحيحة لعملية انتخابية حرة.
لا يمكن تجاهل التحديات الاقتصادية التي تمر بها البلاد. أزمة مصرف ليبيا المركزي تمثل تجسيداً للانقسامات العميقة التي تعاني منها البلاد، والتي لا تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي. فقد أصبح من الواضح أن الإدارة الغامضة للموارد النفطية تشكل عاملاً آخر لعدم الاستقرار. نورلاند دعا إلى ضرورة توزيع عادل للعائدات لضمان استفادة جميع الليبيين وليس فقط الفئات المهيمنة.
يتزايد الإحباط بين المواطنين الليبيين نتيجة الجمود السياسي الذي يبدو أنه يُحافظ عليه عمدًا من قبل أولئك الذين يستفيدون من الوضع الراهن. يشير نورلاند إلى أن هذا الجمود يشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق الاستقرار. إن غياب الشفافية في صادرات النفط يزيد من تعقيد المشكلة، حيث يجب أن تُستخدم هذه الثروة لصالح الشعب وليس كأداة سياسية.
كما تناول نورلاند دور المرتزقة في ليبيا، مؤكدًا على أن هذه الجهات الخارجية تهدد السيادة الليبية. من الواضح أن وجود المرتزقة يعيق عملية الاستقرار السياسي والأمني، مما يزيد من تعقيد الأوضاع في البلاد. في سياق متصل، أشار إلى أن الأزمة في السودان تؤجج التوترات الداخلية في ليبيا، مما يؤدي إلى تفاقم تدفقات اللاجئين وزيادة الضغوط الاجتماعية.
أخيرًا، دعا نورلاند المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف أكثر نشاطًا تجاه الأزمة الليبية. يجب على المؤسسات المالية العالمية حل الشكوك المتعلقة بإدارة البنك المركزي الليبي وتنظيم حوار تحت رعاية الأمم المتحدة لمناقشة القضايا العالقة. يُعتبر الدعم الدولي حيويًا للتوصل إلى حل دائم.
على الرغم من اعتراف الولايات المتحدة بالحكومة منتهية الولاية برئاسة عبد الحميد الدبيبة كحكومة شرعية، إلا أن الحاجة لتشكيل حكومة انتقالية تظل ضرورية. هذه الحكومة يجب أن تكون قادرة على ضمان مستقبل انتخابي مستقر وشامل، بما يسهم في تحقيق الاستقرار الذي تفتقده البلاد منذ سنوات. يتطلب الأمر تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية، بالإضافة إلى دعم المجتمع الدولي، للخروج من هذه الأزمات المستمرة.
