في بيان مشحون بالاتهامات والتوضيحات، صدر عن جهاز الأمن الداخلي برئاسة لطفي الحراري، ردًا حاسمًا على البيان الصادر من النائب العام بشأن إدانة ثلاثة أعضاء من إدارة أمن المعلومات في الجهاز باختطاف عضو مجلس الدولة الاستشاري نزار كعوان. يعتبر هذا الرد جزءًا من الصراع السياسي الحاد الذي يشتعل في ليبيا بين الأطراف المختلفة، حيث تلعب كل منها دورًا في صياغة روايات معقدة تتشابك فيها المصالح، الأيديولوجيات، والأجندات.
أشار بيان جهاز الأمن الداخلي إلى أن نزار كعوان، الذي ينتمي إلى حزب العدالة والبناء، هو أحد الأذرع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا. تم التأكيد على أن الحزب غيّر اسمه إلى الحزب الديمقراطي في محاولة لإعادة تقديم نفسه بشكل جديد للمجتمع الليبي. لكن تحت هذا القناع الجديد، يظل الحزب يحمل نفس الأيديولوجيات والأهداف، وهي السيطرة على مفاصل الدولة الليبية، حسب بيان الجهاز.
واحدة من أخطر التهم التي وُجهت إلى نزار كعوان هي تورطه في تسريب معلومات حساسة تخص الشأن الداخلي للدولة إلى التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. هذا العمل لم يكن فقط خطوة ضمن إطار السيطرة السياسية، بل أيضًا جريمة تخابر مع قوى أجنبية تهدد الأمن القومي الليبي. يُقال إن كعوان ساعد في تأمين ممرات آمنة لأعضاء التنظيم المتورطين في أعمال تخريبية بدول مجاورة، مما جعل ليبيا مسرحًا لصراعات متعددة الأطراف.
بيان جهاز الأمن الداخلي لم يقتصر على إدانة كعوان بالتخابر فقط، بل اتهمه أيضًا بلعب دور فعال في إنشاء منصات إعلامية مشبوهة تهدف لتشويه سمعة شخصيات حكومية ليبية، مقابل تلميع شخصيات أخرى. الهدف من هذه المنصات كان واضحًا: تضليل الرأي العام وبث الفتنة بين أطياف المجتمع الليبي. وفقًا لما ذكره البيان، فقد دفع كعوان مبالغ مالية ضخمة كرشاوى لبعض المنصات الإعلامية لتحقيق هذه الأهداف، مما أدى إلى تورط عدد من مسؤولي تلك المنصات في جرائم ابتزاز وتهديد.
يصف البيان تنظيم الإخوان المسلمين بأنه متخصص في ممارسة الحروب الباردة بالوكالة، حيث يعتمد على التضليل وتحريف الحقائق لتقديم نفسه كضحية، في حين يمارس أنشطة تُضر بالأمن القومي. اتهم جهاز الأمن الداخلي التنظيم بمحاولة تضليل مكتب النائب العام عبر إظهار نفسه في صورة مظلومة. وفي هذا السياق، أشار البيان إلى أن التنظيم قام بزراعة أعضاء منه داخل مؤسسات حكومية مختلفة تحت ذريعة تطوير الأداء السياسي والإعلامي، مما يساهم في توجيه مسار القضايا ذات الأبعاد السياسية.
البيان لم يغفل عن الدور الذي لعبه كعوان في توقيع عقود بمبالغ ضخمة مع مجلس الدولة وبعض المؤسسات الحكومية الأخرى في الشرق والغرب. استغل كعوان علاقاته ونفوذه كعضو في المجلس لتحقيق مكاسب شخصية على حساب مصلحة الدولة. هذه العقود كانت تستهدف تأمين نفوذ الإخوان داخل المؤسسات السياسية والاقتصادية الليبية.
وفقًا لبيان جهاز الأمن الداخلي، فإن التنظيم الإخواني لم يتوانَ عن جر النيابة العامة والهيئات القضائية إلى قضايا ذات طابع سياسي، مستغلًا وجود بعض أعضائه داخل هذه المؤسسات. هذا الأمر أثار قلقًا كبيرًا لدى جهاز الأمن الداخلي، الذي يعتبر أن هذه الممارسات تهدف إلى تقويض سيادة القانون وزرع الفتنة بين مؤسسات الدولة.
تظل قضية نزار كعوان والاتهامات الموجهة إليه جزءًا من صراع أوسع في ليبيا، حيث تتداخل المصالح السياسية، الأمنية، والإعلامية. جهاز الأمن الداخلي، بقيادة لطفي الحراري، يبدو عازمًا على كشف جميع الحقائق المتعلقة بدور الإخوان المسلمين في ليبيا. وفي المقابل، يظل النائب العام ومؤسسات الدولة الأخرى في موقف يتطلب منهم اتخاذ قرارات حاسمة بشأن هذه القضية الشائكة.