ليبيا الان

مشروع الربط البري بين مصر وليبيا وتشاد.. دعم للتجارة والأمن

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في خطوة قد تغيّر ملامح التعاون بين شمال وجنوب الصحراء الكبرى، تجري حالياً مباحثات بين مصر وليبيا وتشاد لإحياء مشروع ربط بري يجمع هذه الدول الثلاث عبر طريق دولي مشترك. المشروع الذي طال انتظاره من قبل المحللين السياسيين والخبراء الاقتصاديين، يهدف إلى تعزيز حركة التبادل التجاري، وتحقيق التكامل الاقتصادي بين هذه الدول، فضلاً عن تأمين الحدود المشتركة التي تعد تحدياً كبيراً في المنطقة.

لم تكن هذه الفكرة جديدة على الساحة الليبية أو الإقليمية. ففي وقت سابق، أعلنت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب عن اقتراح لتشكيل لجنة ثلاثية تجمع كل من مصر وليبيا وتشاد، لبحث آليات تنفيذ المشروع. وحسبما أفاد مصدر حكومي مصري، فإن بلاده بدأت في دراسة إمكانية البدء في تنفيذ المشروع الذي سيعيد تعريف طرق التجارة البرية في المنطقة.

المشروع يتمتع بأهمية اقتصادية وتجارية كبيرة، حيث يرى الخبراء أن تنفيذه سيساهم في تعزيز التكامل التجاري، لا سيما في مجالات الأمن الغذائي. فمصر التي تسعى لتعزيز أمنها الغذائي يمكنها الاستفادة من الثروات الحيوانية والزراعية الهائلة التي تمتلكها تشاد. ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات أمنية واقتصادية كبيرة.

يرى اللواء عادل ترك، الرئيس السابق لهيئة الطرق والكباري في مصر، أن المشروع سيقدم العديد من الفوائد التجارية، خصوصاً في مجال تأمين الحدود وتوفير فرص اقتصادية جديدة. ومن المزايا التي أشار إليها، كون المنطقة المستهدفة لإنشاء الطريق في الجنوب الشرقي من ليبيا غير سكنية، مما يسهل تأمين الطريق ويجعله أكثر أماناً. إضافة إلى ذلك، فإن ليبيا ستستفيد من هذا المشروع من خلال تعزيز حركة التجارة مع مصر وتشاد.

وبالنظر إلى الثروات التي تمتلكها تشاد، خصوصاً في مجالات الزراعة والنفط والطاقة، فإن مصر ستكون في وضع مثالي للتعاون مع تشاد في استغلال هذه الموارد. هذه الشراكة الاقتصادية تعزز الروابط بين الدول الثلاث، وتجعل من ليبيا مركزاً استراتيجياً للتجارة بين شمال إفريقيا ودول جنوب الصحراء.

الأهمية الأمنية لهذا المشروع لا تقل عن أهميته الاقتصادية. المتحدث السابق باسم المجلس الرئاسي الليبي، محمد السلاك، يرى في الربط البري بين مصر وليبيا وتشاد فرصة لتعزيز الأمن الإقليمي. فالتعاون في مجال تأمين الحدود المشتركة بين الدول الثلاث سيساهم في مواجهة التهديدات الأمنية مثل التهريب والهجرة غير الشرعية، ويعزز من قدرات الدول الثلاث في مكافحة الجريمة عبر الحدود.

التعاون الأمني بين هذه الدول سيكون له أثر إيجابي على استقرار المنطقة، خصوصاً أن ليبيا تعاني منذ سنوات من اضطرابات سياسية وأمنية تؤثر على استقرار جيرانها. وفي ظل غياب الحلول السياسية السريعة لهذه الأزمة، فإن مثل هذه المشاريع الإقليمية تمثل نافذة أمل لتعزيز التعاون بين الدول المجاورة.

بالنسبة لتشاد، التي تعد دولة حبيسة وتعتمد على موانئ دول أخرى لتصدير واستيراد البضائع، فإن مشروع الطريق البري مع ليبيا ومصر يمثل منفذاً تجارياً مهماً. فالحرب الأهلية في السودان أثرت بشكل كبير على حركة التجارة التشادية، مما دفع تشاد للبحث عن بدائل تجارية جديدة. وفي هذا السياق، يصبح الربط البري مع مصر وليبيا مساراً بديلاً للتجارة الخارجية، ويعزز من قدرات تشاد الاقتصادية.

المحلل التشادي صالح يونس يرى في هذا المشروع فرصة لبلاده للاستفادة من القدرات التجارية والاقتصادية التي تمتلكها الدول الثلاث. تشاد التي تزخر بالثروات الطبيعية، بما في ذلك الموارد الحيوانية والزراعية والبترولية، يمكن أن تجد في مصر وليبيا شركاء استراتيجيين لتعزيز التعاون الاقتصادي. كما أن الشركات المصرية تلعب دوراً في تنفيذ مشاريع البنية التحتية في تشاد، مما يعزز من الشراكة الاقتصادية بين الدول الثلاث.

بعيداً عن الفوائد الاقتصادية والأمنية، فإن هذا المشروع يفتح المجال لتعزيز التقارب الثقافي بين شعوب الدول الثلاث. ليبيا التي تحتل موقعاً جغرافياً يربط بين العالم العربي وإفريقيا، يمكن أن تلعب دوراً محورياً في تعزيز التفاهم الثقافي بين مصر وتشاد. مثل هذه المشاريع تسهم في بناء جسور من التواصل بين الشعوب، وتساهم في تعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة.

رغم الفوائد الكبيرة التي يعد بها هذا المشروع، فإنه لا يخلو من تحديات. ففي ظل الأوضاع السياسية المعقدة في ليبيا، والتوترات الإقليمية في المنطقة، قد يواجه المشروع صعوبات في التنفيذ. إلى جانب ذلك، فإن تأمين الطريق من التهديدات الأمنية يمثل تحدياً كبيراً، خصوصاً أن المنطقة التي سيمر بها الطريق تعاني من اضطرابات أمنية.

ومع ذلك، فإن العزم الذي تبديه الدول الثلاث على المضي قدماً في هذا المشروع يعكس إيمانها بأن التعاون الإقليمي هو السبيل الأفضل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي في المنطقة. المشروع قد يصبح نموذجاً للتعاون الإقليمي في إفريقيا، ويسهم في تعزيز التكامل بين دول شمال وجنوب الصحراء.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24