ليبيا الان

صراع السلطات في ليبيا.. المحكمة العليا تواجه التشريعات البرلمانية

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

المحكمة العليا ومجلس النواب في ليبيا: خلافات دستورية بين السلطات

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في المشهد السياسي والقانوني، أصدرت الجمعية العمومية للمحكمة العليا بياناً ردت فيه على مجلس النواب بخصوص قانون إنشاء المحكمة الدستورية في بنغازي. هذا التطور يُبرز توتر العلاقة بين السلطتين التشريعية والقضائية في البلاد، مما يعيد تسليط الضوء على الانقسامات السياسية والقانونية التي تعصف بليبيا منذ سنوات.

أعلن مجلس النواب عن افتتاح المحكمة الدستورية العليا في بنغازي، وهو ما أثار رد فعل سريع من المحكمة العليا، التي اعتبرت هذه الخطوة بمثابة تعدٍ على اختصاصها. المحكمة العليا أكدت في بيانها أن حكمها السابق كان واضحًا في بطلان إنشاء المحكمة الدستورية في بنغازي، وأن تجاهل هذا الحكم يعد انتهاكًا لمبدأ الفصل بين السلطات.

أشار مجلس النواب إلى أن إنشاء المحكمة الدستورية تم بموجب قانون تشريعي صادر عن المجلس، وهو ما اعتبره خطوة نحو تعزيز الفصل بين السلطات وتحقيق الرقابة القضائية الفعالة على التشريعات. بالمقابل، تؤكد المحكمة العليا أن إنشاءها لا يرتبط بالقوانين الصادرة مؤخرًا بل بالدستور الليبي الصادر عام 1951، والذي يحدد بوضوح صلاحيات المحكمة العليا ودورها في الرقابة على التشريعات.

التوتر بين القضاء والسلطة التشريعية في ليبيا يعكس صراعًا أعمق حول الفصل بين السلطات. من جهة، يعتبر مجلس النواب أن من حقه تعديل القوانين المتعلقة بالشأن القضائي، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الدولة الليبية بعد سنوات من الانقسام السياسي. ومن جهة أخرى، ترى المحكمة العليا أن استقلال القضاء يجب أن يكون محميًا من تدخل السلطات التشريعية والتنفيذية، وذلك لضمان الحفاظ على دولة القانون.

الانقسامات التي تعصف بليبيا منذ سنوات لم تقتصر على المجال السياسي بل امتدت لتشمل المجال القضائي. المحكمة العليا أشارت في بيانها إلى أن الانقسام السياسي أدى إلى تأخير الدائرة الدستورية عن النظر في العديد من الطعون المقدمة إليها لسنوات. في المقابل، حاول مجلس النواب تقديم إنشاء المحكمة الدستورية في بنغازي كجزء من الحلول التي تهدف إلى تجاوز حالة الجمود السياسي والقانوني التي تعيشها البلاد.

من الواضح أن الصراع بين المحكمة العليا ومجلس النواب يعكس تبايناً في الرؤى حول كيفية تنظيم العلاقة بين السلطات في ليبيا. كلا الطرفين يرفع شعارات الدفاع عن القانون والدستور، لكن دون التوصل إلى توافق حول كيفية التعامل مع الخلافات الناشئة. بينما يسعى مجلس النواب لتعزيز دوره كسلطة تشريعية قادرة على تعديل القوانين بما يتناسب مع الوضع السياسي الراهن، تتشبث المحكمة العليا بدورها كحامية للدستور وضامنة لاستقلالية القضاء.

في ظل هذه التطورات، يبدو أن النظام القضائي في ليبيا بحاجة إلى إصلاحات جذرية. لا يمكن لأي طرف أن يعمل بمفرده على تحقيق التوازن بين السلطات دون التعاون مع الأطراف الأخرى. ما يحتاجه القضاء الليبي الآن هو مراجعة شاملة للإطار القانوني الذي يحكم العلاقة بين السلطات، وإيجاد صيغة توافقية تضمن استقلالية القضاء وفي الوقت ذاته تتيح للسلطة التشريعية القيام بدورها دون أن يكون ذلك على حساب استقرار النظام القضائي.

يعد استمرار الخلاف بين المحكمة العليا ومجلس النواب حول إنشاء المحكمة الدستورية مؤشراً على تعمق الانقسامات داخل النظام السياسي الليبي. ومع غياب التوافق بين السلطات حول كيفية تطبيق المبادئ الدستورية، تتفاقم التحديات التي تواجه الدولة الليبية. يمكن لهذه التوترات أن تؤثر بشكل مباشر على جهود الاستقرار السياسي والاجتماعي، خاصة في ظل الحاجة الماسة إلى مؤسسات قوية وموحدة تعزز سيادة القانون وتحقق العدالة.

من أبرز القضايا المطروحة في هذا السياق هو تنفيذ الأحكام القضائية. المحكمة العليا أكدت في بيانها أن عدم تنفيذ أحكامها يعد انتهاكًا لسيادة القانون. ومن جهته، يرد مجلس النواب بأن التشريعات التي يصدرها تأتي في إطار صلاحياته الدستورية، مما يخلق حالة من الجمود السياسي والقانوني. يبقى السؤال: كيف يمكن لليبيا أن تتجاوز هذا المأزق؟

ختاماً، تبدو الصورة معقدة فيما يتعلق بمستقبل القضاء في ليبيا. ما بين مطالبات مجلس النواب بإصلاحات قانونية وتأكيدات المحكمة العليا على حماية الدستور، يبدو أن التوصل إلى حل لهذه الأزمة يتطلب حواراً جاداً بين جميع الأطراف. التوافق بين السلطات المختلفة هو السبيل الوحيد لتحقيق استقرار قانوني يضمن استمرار الدولة الليبية ومؤسساتها.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24