تصحيح المسار : نصية وأهمية تعيين إدارة جديدة للمصرف المركزي
في خطوة تُعد من أكثر التحركات حساسية في المشهد الليبي المعاصر، أكد عضو مجلس النواب، عبد السلام نصية، أن اختيار إدارة جديدة لمصرف ليبيا المركزي يمثل نقطة تحول رئيسية نحو تصحيح أي انحراف يحدث في الدولة الليبية. ووفقًا لنصية، فإن المسألة تتجاوز مجرد تعيين محافظ جديد، بل تركز على إعادة الأمور إلى نصابها عبر آليات خاصة تُمكن الدولة من تصحيح مسارها دون اللجوء إلى العنف أو خسائر جسيمة.
تعيين إدارة جديدة: خطوة نحو التصحيح
أشار نصية، خلال مداخلة تلفزيونية تابعتها “أخبار ليبيا 24”، إلى أن ما حدث من تعيين محافظ ونائب محافظ جديد ليس إلا خطوة في مسار طويل لتصحيح الأوضاع القانونية والدستورية في البلاد. وأكد أن الإدارة الجديدة لا تهدف فقط إلى استبدال الأشخاص في المناصب، بل إلى تحقيق الاستقرار عبر ضبط الفوضى السياسية التي عاشتها البلاد على مدار السنوات السابقة.
وأوضح نصية أن كلما حدث انحراف في أداء الدولة، فإن هذه الآليات تتيح فرصة تصحيح المسار بشكل مباشر ودون تصعيد العنف. وأشار إلى أن هذه الخطوة تمثل مكسبًا لكل الأطراف المعنية، لأنها تعيد الثقة في مؤسسات الدولة وتعزز من احترام القوانين والدستور.
إعادة الأمور إلى نصابها: لماذا التغيير كان ضروريًا؟
لم يكن قرار تغيير محافظ المصرف المركزي ونائبه مجرد رد فعل على أزمة آنية، بل كان تتويجًا لسلسلة طويلة من التراكمات والتحديات التي واجهتها الدولة. نصية أكد أن هناك ردود أفعال قوية وسلبية تجاه قرارات المحافظ السابق، مما عزز من الحاجة لتغييره. وأضاف أن الصعوبة في التفاهم بين مجلس النواب ومجلس الدولة كانت تعيق سير الأمور، لكن التغيير الأخير أسهم في إعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي.
وفي حديثه عن ردود الأفعال الشعبية، قال نصية: “الشعب أبدى استجابة إيجابية تجاه هذه التغييرات، رغم الانتقادات التي وجهت إلى مجلسي النواب والدولة في السابق”. يرى نصية أن هذه الردود تمثل درسًا مهمًا لأي جهة تحاول انتهاك القانون أو الخروج عن إطار الدستور.
التحديات القادمة: تشكيل مجلس إدارة المصرف المركزي
رغم أن التغيير في القيادة يمثل خطوة مهمة، إلا أن التحدي الأكبر، وفقًا لنصية، يكمن في تشكيل مجلس إدارة جديد يتسم بالكفاءة والحيادية. وأكد أن اختيار الأشخاص المناسبين سيكون اختبارًا حقيقيًا للكفاءات المتاحة، مشددًا على ضرورة تجنب الضغوطات السياسية أو المجاملات في هذه المرحلة الحساسة.
نصية شدد على أهمية اختيار مجلس إدارة جديد يعتمد على المهارات والخبرات اللازمة لإدارة المصرف المركزي في هذه الفترة الدقيقة. وأضاف أن التحديات التي يواجهها المصرف المركزي لا تتعلق فقط بالاستدامة المالية، بل تشمل أيضًا قضايا فساد سابقة يجب أن تُحال إلى النائب العام للتحقيق فيها.
ناجي العيسى: رجل المرحلة
أشاد نصية بتعيين ناجي العيسى محافظًا جديدًا للمصرف المركزي، مشيرًا إلى أنه “ابن المؤسسة” ويتمتع بالكفاءة اللازمة لتولي هذا المنصب في هذه الفترة الدقيقة. وأوضح أن الإجراءات المقبلة بعد تسلم المحافظ ونائبه مهامهما ستشمل مراجعة ومتابعة دقيقة لكل العمليات الإدارية والمالية في المصرف، مع إمكانية إحالة أي مخالفات للنائب العام للتحقيق فيها.
وأضاف نصية أن المحافظ الجديد ونائبه سيواجهان مسؤوليات كبيرة في ضمان سير العمليات بشكل سلس وفعال، مؤكدًا أن التحديات المتعلقة بالاستدامة المالية وإدارة الأرصدة ستكون على رأس الأولويات.
إدارة المصرف المركزي: دور محوري في تحقيق الاستقرار
يعتبر المصرف المركزي واحدًا من أهم المؤسسات التي تعكس قدرة الدولة الليبية على تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي. وأكد نصية أن اختيار قيادة جديدة للمصرف يأتي في إطار سعي الدولة لتجاوز الفوضى التي عصفت بها في السنوات الأخيرة، مشددًا على ضرورة أن تتسم الإدارة الجديدة بالكفاءة والنزاهة.
وأضاف نصية أن المصرف المركزي ليس مجرد مؤسسة مالية، بل يمثل حجر الزاوية في استعادة الدولة الليبية لوحدتها واستقرارها. من هنا، فإن أي خلل أو انحراف في أداء المصرف سيكون له تداعيات سلبية على مجمل الأوضاع في البلاد، وهو ما يجعل من التغيير في القيادة أمرًا ضروريًا لا يحتمل التأجيل.
التحديات المستقبلية: ما بعد التغيير
التحديات التي تواجه المصرف المركزي لا تتوقف عند إعادة تنظيمه الداخلي، بل تمتد لتشمل ملفات معقدة تتعلق بالسياسات المالية والنقدية التي تحتاج إلى مراجعة جذرية. ويرى نصية أن الإصلاحات التي ستُنفذ في المصرف لن تكون سهلة، لكنها تمثل الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار المالي في ليبيا.
وأشار نصية إلى أن المرحلة القادمة ستتطلب تعاونًا وثيقًا بين مختلف المؤسسات السيادية، بما في ذلك مجلس النواب ومجلس الدولة، لضمان عدم تكرار الأخطاء السابقة. وشدد على أهمية تعزيز الشفافية والمحاسبة، مضيفًا أن “أي مخالفات تُرتكب يجب أن تُحال إلى النائب العام للتحقيق فيها، ولا يمكن إعفاء أحد من المسؤولية”.
خاتمة: درسٌ للمستقبل
يعتبر عبد السلام نصية أن ما حدث في المصرف المركزي يمثل درسًا مهمًا لكل من يحاول اختراق القانون أو الخروج عن النصوص الدستورية. ويرى أن التغيير الذي تم في قيادة المصرف ليس نهاية المطاف، بل هو بداية جديدة لمرحلة من الإصلاحات التي ستحمل في طياتها تحديات كبيرة، ولكن أيضًا فرصًا واعدة لتحقيق الاستقرار والنهوض بالاقتصاد الليبي.