في سياق الجهود المستمرة لمعالجة أزمة الهجرة غير النظامية في ليبيا، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة عن نجاحها في مساعدة أكثر من 11 ألف مهاجر غير نظامي على العودة طوعاً إلى بلدانهم الأصلية خلال العام 2024. هذه المبادرة الإنسانية تأتي في إطار برنامج العودة الطوعية الذي يسعى لضمان عودة آمنة وكريمة للمهاجرين ، وتوفير الدعم اللازم لهم لإعادة بناء حياتهم في أوطانهم.
صرحت المنظمة في بيان لها أن الهدف الأساسي من هذه العودة هو حماية حقوق المهاجرين وتقديم الدعم اللازم لتجنب المخاطر التي قد يتعرضون لها في ليبيا، سواء من خلال الانخراط في سوق العمل غير الرسمي أو التعرض للعنف. وقد أوضحت المنظمة أن المهاجرين الذين عادوا، ومن بينهم 144 مهاجراً تم إعادتهم إلى بنغلاديش على متن رحلة جوية خاصة، سيحصلون على دعم مالي واجتماعي لإعادة إدماجهم في مجتمعاتهم المحلية.
بالتوازي مع هذه الجهود، تواجه ليبيا تحديات هائلة نتيجة تدفق النازحين السودانيين إلى أراضيها. وفقًا لتقرير نشرته مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وصل أكثر من 98 ألف نازح سوداني إلى ليبيا منذ اندلاع الصراع في السودان في أبريل 2023. وشكلت مدينة الكفرة البوابة الأساسية لدخول هؤلاء النازحين، حيث عبر نحو 65 ألف نازح الحدود من خلالها.
هذا التدفق الكبير للنازحين يضع ضغوطاً هائلة على البنية التحتية الليبية، خاصة في مجالات المياه والصرف الصحي والصحة. ومع تزايد عدد النازحين، تزداد احتمالات انتشار الأمراض نتيجة النقص الحاد في الموارد الأساسية مثل المياه النظيفة والمرافق الصحية. وقد أكدت السلطات المحلية تقديم مساعدات كبيرة، إلا أن هذه الجهود لا تزال غير كافية لتلبية احتياجات النازحين.
أحد أبرز التحديات التي تواجه ليبيا في التعامل مع تدفق النازحين السودانيين هو نقص المياه الصالحة للشرب وسوء الصرف الصحي. ومع وجود الآلاف من النازحين في مناطق تفتقر للبنية التحتية الكافية، تتزايد المخاوف من انتشار الأمراض المعدية، لا سيما الأمراض المرتبطة بالمياه مثل الكوليرا والتيفوئيد.
تؤكد تقارير الأمم المتحدة الحاجة إلى تدخل فوري لتعزيز إمدادات المياه وبناء مرافق صحية جديدة لاحتواء هذه الأزمة. وقد أشار التقرير إلى أن السلطات الليبية قامت بتوفير بعض الدعم في هذا المجال، إلا أن الوضع يتطلب جهوداً دولية أكبر لمواجهة الضغوط المتزايدة على هذه الخدمات الأساسية.
مع انتقال العديد من النازحين السودانيين إلى المدن الساحلية الليبية بحثاً عن فرص عمل أو لجوء إلى مناطق أكثر استقراراً، تتفاقم التحديات التي تواجهها المجتمعات المحلية. هذه المجتمعات التي تعاني بالفعل من نقص الموارد تجد نفسها أمام مسؤولية متزايدة لدعم هؤلاء النازحين.
وتشير التوصيات الدولية إلى ضرورة دعم هذه المجتمعات من خلال توفير التمويل اللازم لتلبية احتياجات النازحين من غذاء ومأوى وخدمات صحية. كما يشدد التقرير على أهمية تقديم حماية خاصة للأسر التي تعولها النساء، وذلك لضمان عدم ترك أي شخص خلف الركب، ولتعزيز قدرة هذه الأسر على مواجهة التحديات الجديدة.
في ظل هذه الأوضاع المعقدة، تبقى الحاجة ملحة إلى دور أكبر للمجتمع الدولي في تقديم الدعم الفني والمالي لليبيا للتعامل مع أزمة النازحين والمهاجرين. من الضروري أن تكون هناك شراكات قوية بين الحكومة الليبية والمنظمات الدولية لتخفيف الضغوط على البنية التحتية المحلية، وتعزيز برامج إعادة التوطين ودعم العودة الطوعية.
ختاماً، تبقى جهود المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية اللاجئين جزءاً حيوياً من الاستجابة لأزمة الهجرة والنزوح في ليبيا، إلا أن التحديات المستمرة تتطلب تحركاً عاجلاً وشاملاً لضمان مستقبل أفضل للمهاجرين والنازحين على حد سواء.