في إطار مساعي ليبيا لتعزيز تعاونها مع الدول الأوروبية، شهد مطار معيتيقة الدولي في العاصمة طرابلس حدثًا مهمًا يوم الأربعاء، 9 أكتوبر 2024، حيث استقبلت إدارة المطار وفدًا رفيع المستوى من إيطاليا. قاد الوفد رئيس سلطة الطيران المدني الإيطالي، مرفوقًا بمسؤولين من شركة الخطوط الجوية الإيطالية إيتا (ITA)، بهدف استكشاف السبل الممكنة لتعزيز التعاون في مجال الطيران المدني وتطوير الخدمات الجوية بين البلدين.
بدأت الزيارة باستقبال حار من رئيس مصلحة الطيران المدني الليبي ومدير عام مطار معيتيقة، إضافة إلى عدد من المدراء المختصين. وقد أجرى الوفد الإيطالي جولة ميدانية شاملة في المطار، حيث اطلع على مرافقه والإجراءات التشغيلية المتبعة لضمان سلامة وأمن الرحلات الجوية. تم تسليط الضوء خلال الجولة على الجهود المستمرة التي يبذلها الجانب الليبي لتحديث بنيته التحتية والامتثال للمعايير الدولية، بما يتماشى مع المتطلبات الأوروبية الصارمة في مجال الطيران.
من جانبه، أبدى وفد شركة إيتا رغبة واضحة في استئناف رحلاتها الجوية بين ليبيا وإيطاليا، وهي خطوة تترجم جهود الشركة لتعزيز الروابط الاقتصادية والاجتماعية بين البلدين. في هذا السياق، أكد ممثلو الشركة أن فتح الخط الجوي بين طرابلس وروما سيكون له تأثير إيجابي ليس فقط على تسهيل حركة المسافرين بين البلدين، بل أيضًا على تحسين التبادل التجاري وتوسيع آفاق الاستثمار.
الزيارة تزامنت مع حضور شخصيات رسمية ليبية وإيطالية، من بينهم وكيل وزارة المواصلات للنقل الجوي وسفير إيطاليا لدى ليبيا، مما يعكس اهتمامًا مشتركًا بتطوير العلاقات الثنائية. كما ناقش الجانبان جوانب التعاون الممكنة في مجال الطيران المدني، مع التركيز على تبادل الخبرات الفنية بين مصلحة الطيران المدني الليبية ونظيرتها الإيطالية، خاصة فيما يتعلق بإجراءات السلامة وتطوير أنظمة الملاحة الجوية.
ولا تقتصر أهمية الزيارة على الجانب التقني فحسب، بل تتعداه إلى الأبعاد الدبلوماسية والاقتصادية. إذ تأتي هذه الزيارة في ظل رغبة ليبية واضحة في رفع الحظر الجوي الأوروبي المفروض على الطيران الليبي منذ سنوات. حيث يمثل هذا الحظر تحديًا كبيرًا أمام تطور القطاع الجوي الليبي، الذي يعاني من ضغوط تشغيلية وتقييدات تمنع شركات الطيران الليبية من التحليق في الأجواء الأوروبية.
في هذا الإطار، تأتي زيارة الوفد الإيطالي كمحاولة لتعزيز الثقة بين الجهات المختصة في البلدين، إضافة إلى تقديم الدعم الفني الذي تحتاجه ليبيا لاستعادة دورها في حركة الطيران الدولي. فالعودة إلى الأجواء الأوروبية تعد هدفًا استراتيجيًا بالنسبة لليبيا، الذي سيسهم في فتح المجال أمام المزيد من الفرص الاقتصادية والاستثمارية.
ويبدو أن الخطوة الإيطالية بإبداء استعداد شركة إيتا لإعادة تشغيل الرحلات الجوية، تحمل في طياتها رسالة إيجابية بشأن تحسن الأوضاع في قطاع الطيران المدني الليبي. وفي ظل هذا التطور، يتوقع أن يسهم التعاون بين الجانبين في تسريع عملية رفع الحظر الجوي، والذي سيمكن مطارات ليبيا من العودة إلى منظومة الطيران العالمية.
إلى جانب الجانب الفني والاقتصادي، تعكس الزيارة رغبة البلدين في تعزيز الروابط السياسية والدبلوماسية. فالاستقرار السياسي الذي تشهده ليبيا في الفترة الأخيرة ساعد على تهيئة الأجواء لمثل هذه الزيارات رفيعة المستوى. وتبقى العلاقات الليبية الإيطالية واحدة من الشراكات التي تسعى الأطراف إلى تطويرها في مختلف المجالات، ومن بينها قطاع الطيران الذي يعتبر جسرًا حيويًا للتواصل بين الشعوب ودعم الاقتصاد.
ومع اختتام الزيارة، أبدى الجانب الليبي تفاؤله بإمكانية تحقيق تقدم ملموس على صعيد التعاون الثنائي في قطاع الطيران المدني، وأعرب عن تطلعه لاستقبال المزيد من الشركاء الدوليين الراغبين في المشاركة في عملية إعادة بناء القطاع. كما أكد المسؤولون الليبيون التزامهم بمواصلة العمل على تحسين المعايير الفنية والمهنية لمواكبة التحديات الجديدة التي يفرضها السوق العالمي.
في نهاية المطاف، تمثل هذه الزيارة خطوة إيجابية نحو تحسين الخدمات الجوية في ليبيا، وتأتي في وقت يتزايد فيه الاهتمام الدولي بتطوير قطاع الطيران الليبي. وستمهد الطريق، بلا شك، لمزيد من التعاون بين ليبيا وإيطاليا، بما يسهم في تعزيز الاستقرار والتنمية في البلدين.
