في سياق التحديات الإقليمية المتزايدة في القرن الأفريقي، اجتمع قادة مصر والصومال في العاصمة الإريترية أسمرة يوم 10 أكتوبر 2024. هذا الاجتماع جاء بدعوة من الرئيس الإريتري إسياس أفورقي ليجمع رئيسي جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الصومال الفيدرالية حسن شيخ محمود. الاتفاقات التي تمخضت عن هذا الاجتماع تحمل رؤية مشتركة لتعزيز الاستقرار في الصومال، وتحقيق الأمن الإقليمي من خلال التعاون المتبادل بين الدولتين.
أحد أبرز النتائج التي تم التوصل إليها هو التأكيد على سيادة الصومال ووحدة أراضيها. شددت مصر على رفض أي إجراءات أحادية تهدد وحدة الدولة الصومالية. هذه النقطة تشكل حجر الزاوية في الاستراتيجية المصرية-الصومالية، حيث أن التحديات الداخلية التي تواجه الصومال تتطلب تكاتف الجهود الدولية للحفاظ على استقراره ووحدة أراضيه. مصر، بحكم موقعها الاستراتيجي وريادتها الإقليمية، تجد في استقرار الصومال مصلحة مشتركة تتطلب تعزيز التعاون العسكري والأمني لمواجهة الإرهاب.
القمة تناولت كذلك ضرورة دعم الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني، والذي يمثل الركيزة الأساسية لتحقيق الاستقرار. مصر والصومال اتفقتا على العمل لتطوير إمكانيات الجيش الصومالي، بما في ذلك التدريب والتسليح، لتمكينه من مواجهة تهديدات الإرهاب بكافة أشكاله، سواء داخل الحدود أو خارجها. التحديات الأمنية التي تواجه الصومال، بما في ذلك حركة الشباب الإرهابية، تتطلب من الدول الأفريقية والهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي توفير الدعم الكامل للحكومة الصومالية.
في ضوء الجهود المتواصلة لتعزيز قدرات الجيش الصومالي، رحبت القمة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2714 (2023) برفع الحظر المفروض على تصدير الأسلحة إلى الصومال. هذا القرار يمثل خطوة محورية في مساعي الحكومة الصومالية لاستعادة السيطرة على كافة أراضيها ومقدراتها. من خلال امتلاك الأدوات العسكرية الحديثة، تستطيع الحكومة تعزيز قبضتها على المناطق التي كانت تحت سيطرة الجماعات المسلحة، وتوسيع سيطرة الدولة على الموارد الطبيعية والمرافق الحيوية.
من القرارات الهامة التي تم اتخاذها في هذا الاجتماع هو الدعم الكامل لجهود الاتحاد الأفريقي في نشر بعثة AUSSOM لدعم الاستقرار في الصومال. هذه البعثة ستحل محل بعثة ATMIS، وستركز على احتياجات الصومال الأمنية خلال الفترة الانتقالية بعد انتهاء ولاية ATMIS. مصر أبدت استعدادها للمشاركة بقوات في بعثة AUSSOM، مما يعكس التزامها بدعم استقرار الصومال والتعاون الوثيق مع الاتحاد الأفريقي.
في إطار تعزيز الاستقرار في الصومال، تم التأكيد على أهمية دعم المجتمع الدولي لبعثة AUSSOM. يُعد التمويل الدولي ضرورياً لتحقيق الأهداف المرجوة من البعثة الأفريقية، حيث إن النجاح في محاربة الإرهاب وتعزيز مؤسسات الدولة يتطلب دعماً متواصلاً من المجتمع الدولي. هذا الدعم لن يساهم فقط في استقرار الصومال بل سيعزز من الأمن الإقليمي في شرق أفريقيا.
خلال الاجتماع، تعهدت مصر بتقديم كافة أشكال الدعم للصومال خلال فترة عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي للفترة 2025-2026. هذا الدعم يشمل مساعدة الصومال في تحقيق أولوياتها داخل المجلس، وخاصة فيما يتعلق بالقضايا الأفريقية الملحة. مصر أكدت أن دعمها للصومال في هذه المرحلة يأتي من منطلق التزامها بمصالح القارة الأفريقية وسعيها لتعزيز حضور الدول الأفريقية في المؤسسات الدولية.
كما تم الاتفاق على تكثيف التشاور والتنسيق بين مصر والصومال بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. التحديات المشتركة مثل الإرهاب، والأمن الإقليمي، والمخاطر المتعلقة بالتغيرات المناخية والهجرة غير الشرعية، تتطلب تعاوناً مستمراً على المستوى الثنائي والإقليمي. التعاون المصري الصومالي يعزز من قدرة الدولتين على مواجهة هذه التحديات وتقديم حلول جماعية لها.
البيان المشترك الصادر عن الاجتماع يؤكد على التزام مصر والصومال بتعزيز التعاون في كافة المجالات، وخاصة في مجال الأمن والاستقرار. هذا التعاون يأتي في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه الصومال والمنطقة بشكل عام. ومع الدعم الدولي، والجهود المشتركة بين الدولتين، يمكن للصومال أن يتجاوز تلك التحديات ويحقق استقراراً طويل الأمد يعزز من دوره في الساحة الدولية.