مدينة الكفرة تشهد منذ فترة تزايدًا ملحوظًا في أعداد المهاجريين السودانيين الفارين من الصراع الدامي في بلادهم. وقد أصبح اللاجئون يمثلون نصف عدد سكان المدينة، ما أثار قلقًا كبيرًا حول قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين واللاجئين على حد سواء.
في تصريح للناطق باسم بلدية الكفرة، عبدالله سليمان، أشار إلى أن مؤسسات المدينة ليست مهيأة بشكل كافٍ للتعامل مع الأعداد الهائلة من اللاجئين السودانيين. حيث أوضح أن “المدينة تحتوي الآن على أكثر من 40 تجمعًا للاجئين السودانيين، وهو أمر يتطلب توفير المزيد من الدعم، وخاصة في مجالات النظافة والصحة.”
بالرغم من الجهود المبذولة من بعض المنظمات الدولية مثل “الهيئة الطبية الدولية”، فإن مستوى المساعدات المقدمة لا يزال أقل من المطلوب. ففي تقييم نشرته الهيئة، تبين أن 86 ألفًا من اللاجئين السودانيين وصلوا إلى الكفرة، ما يشكل تهديدًا بأزمة إنسانية حادة إذا لم تتم الاستجابة بشكل أسرع وأكثر فعالية.
وتشير التقييمات إلى أن الدعم الفوري للنازحين السودانيين يجب أن يشمل توفير المأوى والغذاء والخدمات الصحية، بما في ذلك الدعم النفسي والاجتماعي، وهو ما لم يتحقق بعد بالشكل الكافي. ويؤكد التقرير أن “الهيئة الطبية الدولية” كانت أول منظمة إنسانية دولية تدخل ليبيا منذ عام 2011 لتقديم الدعم في مجالات عدة، لكن الاحتياجات تفوق الإمكانيات المتاحة حاليًا.
من بين التحديات التي تواجه اللاجئين السودانيين في الكفرة، يعيش الكثير منهم في ظروف مأساوية. فالعديد من الأسر السودانية تعاني من نقص حاد في مستلزمات الحياة الأساسية مثل الماء والصرف الصحي والنظافة، وهو ما يزيد من خطر انتشار الأمراض وتدهور الحالة الصحية للاجئين.
من جهة أخرى، يواجه الأطفال السودانيون النازحون أوضاعًا نفسية صعبة بسبب العيش في بيئة غير مستقرة، ما يؤكد الحاجة الملحة لتوفير دعم نفسي واجتماعي لهم. وقد ناشد عبدالله سليمان المنظمات الدولية “بضرورة تقديم المزيد من المساعدات مع التركيز على النواحي النفسية والاجتماعية للأطفال”.
إضافة إلى المشاكل العامة التي تواجه اللاجئين، تعاني النساء والفتيات السودانيات بشكل خاص من قلة الخدمات المتاحة في المستوطنات غير الرسمية. ويشير تقييم “الهيئة الطبية الدولية” إلى أن نقص مستلزمات النظافة الشخصية يعرض صحة وكرامة وسلامة النساء والفتيات للخطر.
وفي ظل هذه الأوضاع، أصبح من الضروري توفير حلول سريعة لتلبية احتياجات هذه الفئة الضعيفة من اللاجئين. فالظروف المعيشية الحالية لا تقتصر على توفير الغذاء والمأوى فحسب، بل تتطلب أيضًا تعزيز خدمات الحماية والرعاية الصحية والنفسية لضمان سلامة النساء والفتيات في تلك المستوطنات.
مع تزايد عدد اللاجئين في الكفرة، باتت العديد من الأسر السودانية تبحث عن بدائل أخرى في مدن ليبية مثل مصراتة، حيث أفادت تقارير بوصول أكثر من ألف أسرة سودانية إلى المدينة منذ اندلاع الصراع في السودان.
ويتمثل التحدي الأكبر في استمرار حركة النزوح من الكفرة إلى مدن أخرى، ما يزيد من العبء على تلك المناطق التي هي الأخرى تعاني من ضعف البنية التحتية. وقد أكدت السلطات في مصراتة أن نحو 10 أسر تصل يوميًا من الكفرة، مشيرة إلى أن الكثير من هذه الأسر تعيش في ظروف معيشية صعبة، ويعاني العديد من أفرادها من مشاكل صحية مزمنة وضيق نفسي.
في ظل هذه الظروف القاسية، تتصاعد الدعوات لتدخل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بشكل عاجل. فاللاجئون السودانيون في الكفرة يعيشون في أوضاع لا يمكن وصفها إلا بالمأساوية، حيث يتفاقم الوضع سوءًا مع كل يوم يمر دون تدخل فعال.
وتعتبر الأوضاع في مدينة الكفرة جزءًا من الأزمة الإنسانية الأوسع التي تشهدها المنطقة، حيث أن تزايد أعداد اللاجئين وتدهور الخدمات الأساسية في المدينة يمثل تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة إلى تنسيق جهود دولية ومحلية لضمان تلبية احتياجات اللاجئين السودانيين وتحسين الظروف المعيشية في المدينة.