في تصاعد جديد للمشهد السياسي، وجّه عضو مجلس النواب، الصالحين عبد النبي، انتقادات حادة لإجراءات المجلس الرئاسي بشأن إنشاء مفوضية استفتاء جديدة. يرى عبد النبي أن هذه الخطوة لا تهدف إلا إلى إرباك الوضع الراهن وخلق مزيد من الانقسامات داخل المشهد السياسي، معتبرًا أن الحل الأمثل يكمن في التوجه نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية، حسب القوانين التي أقرها مجلس النواب.
يؤكد عبد النبي في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” أن المجلس الرئاسي لا يملك الصلاحية القانونية لإنشاء مفوضية استفتاء، مشيرًا إلى أن هذا الدور موكول فقط للمفوضية الوطنية للانتخابات. ويرى أن ما يسعى له الرئاسي من خلال الدعوة للاستفتاء الإلكتروني غير واقعي بالنظر إلى الوضع الراهن للبنية التحتية. فالنقص الكبير في الإمكانيات التقنية وغياب بنية اتصالات متقدمة تجعل من هذا المشروع مجرد طرح بعيد عن الواقع، خصوصًا أن فكرة الاستفتاء الإلكتروني تتطلب تقنيات متطورة وشبكات اتصالات موثوقة.
يشدد عبد النبي على أن الاستفتاءات لا تمثل أولوية للشعب الليبي في هذه المرحلة، مبديًا استغرابه من تركيز الرئاسي على مشروع الاستفتاء الإلكتروني في ظل غياب واضح للإمكانات التي تتيح تنفيذه. ويؤكد أن المجلس الرئاسي يسعى فقط لإثبات وجوده في المشهد من خلال طرح قضايا غير واقعية.
ويبرز عبد النبي أن الانسحاب التدريجي لعدد من أعضاء المفوضية المعلنين من قبل الرئاسي، وبينهم شخصيات بارزة من الأكاديميين ورؤساء الجامعات، يعكس عدم جديّة المشروع ويزيد من صعوبة تحقيقه. ويشير إلى أن استمرارية هذا الاتجاه ستسهم في تأزيم الوضع الراهن، حيث تضاف قضية أخرى إلى القضايا العالقة التي تعرقل تقدم العملية السياسية في ليبيا.
يرى عبد النبي أن التوجه نحو الانتخابات الرئاسية والبرلمانية يمثل الخيار الأمثل لتجاوز حالة الجمود السياسي التي تعاني منها البلاد، معتبرًا أن الاستفتاءات العامة يجب أن تبقى ضمن اختصاصات المفوضية الوطنية للانتخابات التي تمتلك من الصلاحيات والإمكانات ما يسمح لها بإجراء عملية ديمقراطية نزيهة وشفافة. ويشير إلى أن التوجه إلى الانتخابات مباشرة من شأنه أن يُعزز من فرص توحيد الليبيين حول مشروع وطني واحد بدلًا من التشتت بين خيارات متعددة تعزز الانقسامات.
يضيف عبد النبي أن البعثة الأممية في ليبيا تسعى حاليًا إلى إنشاء سلطة تنفيذية جديدة، سواء من خلال تشكيل حكومة جديدة أو بإعادة هيكلة المجلس الرئاسي، ويشير إلى احتمالية التخلص من الرئاسي والاكتفاء بحكومة فقط، بما يعزز من فرص الاستقرار السياسي.
ومع تطورات المشهد الدولي والإقليمي، يبدو أن الأمم المتحدة ترى ضرورة إحداث تغيير ملموس في هياكل السلطة الليبية من أجل الوصول إلى حالة من التوافق الوطني. وبحسب عبد النبي، فإن تشكيل لجنة حوار جديدة قد يمثل الخطوة الأولى نحو تحقيق هذا الهدف، إلا أنه يشدد على أن نجاح أي مبادرة من هذا النوع يعتمد على توفر الإرادة السياسية لدى الأطراف الليبية وتجنب محاولات الهيمنة من طرف دون آخر.
يرى عبد النبي أن الدعوة للاستفتاء الإلكتروني تعكس توجهًا غير واقعي في ظل افتقار ليبيا لبنية تحتية إلكترونية متطورة. إذ يشير إلى أن التجهيزات التكنولوجية اللازمة لعملية استفتاء على نطاق وطني تشمل شبكات اتصال متقدمة وأدوات تكنولوجية لا تتوفر حاليًا في ليبيا، مما يجعل من الاستفتاء الإلكتروني خيارًا بعيد المنال.
كما أن النقاش حول الاستفتاءات قد يؤدي إلى تزايد حدة الاستقطاب في ظل الاستمرار في تبني قرارات غير محسوبة قد تزيد من تعقيد الأوضاع السياسية، مؤكدًا على ضرورة وجود خطط واقعية تأخذ بعين الاعتبار احتياجات ومتطلبات المرحلة الحالية.
يشكل موقف عبد النبي تجاه مفوضية الاستفتاء المقترحة من المجلس الرئاسي دعوة إلى إعادة النظر في أولويات المرحلة، مؤكدًا على أهمية التوجه نحو الانتخابات كحل مستدام للأزمة الليبية. كما أن تصريحات الأمم المتحدة حول إعادة هيكلة السلطة التنفيذية في ليبيا قد تكون الخطوة المقبلة في هذا الاتجاه. ومع استمرار التجاذبات السياسية في ليبيا، تبقى الساحة السياسية مفتوحة على احتمالات عدة، إلا أن توافق الأطراف حول آلية واحدة للانتخابات قد يمثل المفتاح لتجاوز الانقسام وإنهاء الجمود الراهن.