ليبيا الان

مأساة جنزور.. إلى متى يتحمل الليبيون فساد حكومة الدبيبة

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

أزمة انهيار العمارات في طرابلس: الفساد يطحن الشعب الليبي وغياب الرقابة يدمر الأرواح

طرابلس – جنزور
على وقع كارثة جديدة تنضاف إلى سجل المآسي التي تعيشها ليبيا يوميًا، شهدت منطقة جنزور غرب العاصمة طرابلس حادثًا مأساويًا بانهيار عمارة سكنية مكونة من ثلاثة طوابق في حي أولاد بن أحمد، وسط حالة من الذهول والغضب الشعبي العارم تجاه الحكومة والمسؤولين. الحادث الذي أودى بحياة أربعة مواطنين حتى الآن، من بينهم طفل بعمر عام واحد، يثير تساؤلات حول الأسباب التي تقف وراء الانهيار المفاجئ لمبنى حديث التشييد تم بناؤه منذ أقل من أربع سنوات. ومع استمرار عمليات الإنقاذ، يتصاعد الغضب الشعبي تجاه عبدالحميد الدبيبة، وحكومته منتهية الولاية  التي بات يُنظر إليها بوصفها غير قادرة على تحسين البنية التحتية، وغير جادة في محاربة الفساد المتفشي في كل زاوية.

انطلقت فرق الإسعاف والطوارئ إلى مكان الحادث بعد الإبلاغ عن انهيار المبنى، الذي لم يصمد طويلاً قبل أن ينهار فوق ساكنيه فجأة، في مشهد يحمل في طياته تفاصيل مؤلمة تتجلى في أصوات الناجين ونداءات الأهالي للبحث عن ذويهم العالقين. وقد صرح المتحدث باسم مركز طب الطوارئ أن فرق الإنقاذ تمكنت حتى الآن من انتشال جثث أربعة ضحايا، ولا يزال البحث جاريًا وسط توقعات بوجود ضحايا آخرين تحت الأنقاض.

وقد أثار هذا الحادث المأساوي تساؤلات عميقة حول الظروف التي أدت إلى انهيار مبنى حديث العهد نسبياً. هل يتعلق الأمر بعيوب في البناء؟ أم أن مواد البناء التي استخدمت لم تكن بمستوى الجودة المطلوب؟ ولعل السؤال الأهم: من يتحمل المسؤولية القانونية والسياسية عن هذه الأرواح التي أزهقت تحت أنقاض المبنى؟

تصاعد الغضب الشعبي تجاه الحكومة منتهية الولاية التي تترأسها عبدالحميد الدبيبة، حيث تكررت الحوادث الكارثية في العاصمة ومدن أخرى، وسط غياب الرقابة وتدهور البنية التحتية. يتساءل الكثير من الليبيين: كيف يمكن لحكومة تتمتع بموارد نفطية هائلة أن تفشل في توفير أبسط مقومات الأمان لسكانها؟

تعاني العاصمة طرابلس، على غرار مناطق أخرى في ليبيا، من بنية تحتية متهالكة، وتعد ظاهرة انهيار المباني، خاصة السكنية منها، إشارة واضحة لضعف الرقابة والفساد الذي يضرب جذور المؤسسات الحكومية. وعلى الرغم من الوعود المتكررة من المسؤولين بتحسين وضع البنية التحتية، تبقى نتائج هذه الوعود دون المستوى، مع تزايد حالات الانهيار والبنية المتآكلة التي تؤدي إلى حوادث قاتلة.

وصل رئيس الحكومة، عبدالحميد الدبيبة، إلى موقع الحادث فور انتشار أخبار الانهيار، وسط موجة من الانتقادات والاتهامات بممارسة “البروباغاندا السياسية” والاستعراض الإعلامي، بدلاً من اتخاذ خطوات حقيقية لمعالجة أسباب الكارثة. شوهد الدبيبة برفقة مسؤولين آخرين وهم يتجولون في موقع الحادث، ما أثار انتقادات ساخرة من جانب المواطنين الذين اعتبروا أن زيارة المسؤولين أصبحت مجرد فرصة لالتقاط الصور والتقاط التعاطف المؤقت، دون أي حلول جذرية.

وقد أعرب ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن سخريتهم واستيائهم مما وصفوه بـ”استعراض الدبيبة في جنزور”، حيث اعتبروا أن هذه الزيارة لن تخفف من معاناة الشعب الليبي ولن تعيد الضحايا إلى الحياة. وذكر أحد النشطاء: “لا نريد صورًا للدبيبة بين الأنقاض، نريد حلولًا تحمينا من أن نصبح تحتها”.

يعيش الليبيون تحت وطأة ضغوط اقتصادية خانقة، تفاقمت بفعل تضخم الأسعار وانهيار قيمة الدينار. ومع ذلك، يعاني قطاع البناء من نقص حاد في المواد ذات الجودة العالية، وسط ارتفاع أسعار العقارات والمواد الخام، مما يدفع المقاولين إلى اللجوء لمواد بناء أقل جودة في بعض الأحيان، مما يضاعف من خطورة مثل هذه الحوادث.

تتحدث مصادر مطلعة عن فساد منتظم يتمثل في التلاعب بالعقود ومواد البناء، حيث يتم إسناد مشاريع البنية التحتية لمقاولين لا يلتزمون بأدنى معايير الجودة، ما يؤدي إلى نتائج مدمرة كما شهدته جنزور مؤخرًا. ويأتي هذا ضمن سلسلة من الكوارث التي تتجلى يومًا بعد يوم بسبب غياب الرقابة والإشراف.

يتساءل المراقبون والمواطنون على حد سواء: إلى متى ستستمر حكومة الدبيبة في تجاهل الكوارث؟ ومتى ستتحمل مسؤولياتها أمام الشعب الليبي؟ يبدو أن النظام الحكومي قد بات عاجزًا عن مواجهة التحديات الهيكلية للبلاد، بينما يكتفي المسؤولون بتوزيع الوعود في وقت تستمر فيه معاناة المواطنين، وتزداد مشاهد المآسي في أنحاء البلاد.

هل سيكون لهذا الحادث أثر يدفع الشعب للمطالبة بتغييرات جوهرية؟ أم أن الحكومة ستكتفي بإجراءات شكلية لا تعالج جذور الأزمة؟

تطالب أصوات عديدة بمحاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة، سواء كانت الجهات الحكومية المسؤولة عن تنظيم وتخطيط الأبنية، أو المقاولون الذين سمحوا باستخدام مواد بناء غير ملائمة. يرى البعض أن ما يحدث في ليبيا لا يخرج عن كونه إهمالاً ممنهجًا، في ظل تفاقم أزمة الفساد وغياب المساءلة القانونية. ومع استمرار وقوع الحوادث، تتزايد الضغوط على حكومة الدبيبة لإحداث تغييرات جذرية، قد تبدأ بمحاكمة المتورطين في الفساد وفرض رقابة صارمة على قطاع البناء.

تتكرر الأسئلة وتتصاعد الصرخات في وجوه من يسكنون أبراج السلطة، متى ستنتهي هذه السلسلة من الحوادث المأساوية؟ ومتى ستحظى ليبيا بحكومة تجعل سلامة المواطن في رأس أولوياتها؟ ربما يبقى هذا الحادث حلقة أخرى في سلسلة طويلة من الإهمال والفساد، لكن إرادة الشعب الليبي لن تقبل بالسكوت إلى الأبد.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24