عاجل ليبيا الان

بيان المركزي.. أرقام مثيرة وتغييرات مفاجئة في المصروفات

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في محاولة لفهم التغييرات التي طرأت على المصروفات بالعملة الأجنبية في البلاد، نشر أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي، الدكتور عطية الفيتوري، تحليلًا نقديًا لبيان مصرف ليبيا المركزي الذي صدر مؤخرًا. البيان الذي يغطي الإيرادات والمصروفات حتى نهاية أكتوبر 2024 أظهر بعض التعديلات التي أثارت التساؤلات حول استقرار الإنفاق في سياق اقتصادي مضطرب وتنامي الطلب على الدولار. يلقي الفيتوري الضوء على التغييرات البارزة في بند المصروفات، خاصة المتعلقة بإعادة الإعمار في المنطقة الشرقية، “التزامات الجهات العامة”، والإنفاق المتزايد بشكل غير معتاد على الاعتمادات المستندية والنفقات الشخصية بالدولار.

وفقًا لتحليل الفيتوري، في منشور له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” رصدته “أخبار ليبيا 24” أظهر بيان المصرف المركزي لشهر سبتمبر تخصيص مبلغ قدره 950 مليون دولار كمصروف لإعادة الإعمار في المنطقة الشرقية، وهو مبلغ كان يعبر عن خطوة إيجابية تجاه دعم مشروعات البنية التحتية هناك. لكن مع بيان أكتوبر، لم يظهر هذا الرقم، مما أدى إلى انخفاض المصروفات العامة من 4.034 مليار دولار في سبتمبر إلى 3.393 مليار دولار في أكتوبر. ويرى الفيتوري أن غياب هذا البند في البيان الأخير يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا المشروع قد ألغي، وما إذا كانت هناك نية لتجميد أعمال إعادة الإعمار في المنطقة الشرقية.

وفي هذا السياق، يشدد الفيتوري على أن وضوح المصرف المركزي في تفسير هذه التعديلات سيكون خطوة هامة لطمأنة الرأي العام، خاصة مع الأهمية الاستراتيجية لإعادة الإعمار في دعم استقرار المنطقة الشرقية وتعزيز فرص التنمية بها.

أما البند الآخر الذي لفت الانتباه فهو “التزامات لجهات عامة”، الذي ظهر آخر مرة في بيان المصرف المركزي لشهر يوليو، بقيمة بلغت 6.140 مليار دولار، ولكنه اختفى بعد ذلك من بيانات الشهور اللاحقة بما في ذلك أكتوبر. يشير الفيتوري إلى أن اختفاء هذا البند قد يكون مرتبطًا بتغيير المحافظ السابق، مما يوحي بوجود تأثيرات واضحة لتبديل القيادة في السياسة المالية.

هذا الغياب يسلط الضوء على التساؤلات حول مدى دقة وشفافية المصرف في عرض أرقامه المالية. ويُعتبر هذا البند تحديدًا مصدر قلق في السنوات الماضية، حيث كان يُحمل على المصروفات رغم عدم ارتباطه بفترة محددة، وهو ما طالما أثار انتقادات واسعة في الأوساط المالية.

في سياق الإنفاق بالدولار، يشير الفيتوري إلى زيادات ملحوظة على مدار شهر أكتوبر في بنود الاعتمادات المستندية والمصروفات الشخصية. ارتفع إنفاق الاعتمادات المستندية بأكثر من 1.65 مليار دولار مقارنةً بالمتوسط الشهري السابق، ما يعكس زيادة كبيرة وغير معتادة. إلى جانب ذلك، شهدت المصروفات الشخصية قفزة بحوالي مليار دولار، حيث بلغت 6.6 مليار دولار نهاية أكتوبر مقارنةً بـ 5.6 مليار دولار خلال الأشهر التسعة السابقة.

ويرى الفيتوري أن هذه الزيادة الكبيرة تعكس تعطش الأفراد والمؤسسات للعملة الأجنبية، ربما نتيجة لتأخر عمليات الاستيراد وتأزم الوضع الاقتصادي الذي يفاقم الطلب على الدولار. لكنه يؤكد أنه من المتوقع انخفاض هذا الطلب على العملة الأجنبية بعد فترة من تلبية الاحتياجات المستعجلة، حيث سيعود مستوى الطلب إلى حجمه الطبيعي.

من بين البنود الأخرى التي شهدت زيادة غير مسبوقة هو بند “بطاقات التجار”. في حين كانت المصروفات في هذا البند تبلغ 38 مليون دولار في تسعة أشهر، تضاعف الإنفاق بشكل مفاجئ ليصل إلى 76 مليون دولار في أكتوبر وحده. هذا الارتفاع يثير تساؤلات حول الكيفية التي تم بها توفير الدولارات لمثل هذه العمليات، وهل كانت هناك إجراءات تيسيرية جديدة أم تساهل في الرقابة على هذا النوع من المصروفات.

ويرى الفيتوري أن أي زيادة مفاجئة في الإنفاق بهذا الشكل تستوجب مراجعة دقيقة من المصرف المركزي لضمان الحفاظ على توازن السوق وتقليل الضغط على العملة الوطنية. ويشدد على أهمية اتباع سياسات مدروسة عند فتح الاعتمادات ومنح التحويلات الخارجية، بما يضمن عدالة التوزيع واستدامة العملة.

مع ظهور مثل هذه التغييرات في البيانات الشهرية للمصرف المركزي، يؤكد الفيتوري على ضرورة أن يكون المصرف أكثر شفافية في عرض تفاصيل مصروفاته والتزامه بتوفير معلومات واضحة ودقيقة حول أسباب أي زيادات أو تغييرات في البنود المالية. ويشدد على أن المصرف المركزي، بصفته الجهة المسؤولة عن استقرار العملة الوطنية، يجب أن يبذل جهودًا مضاعفة لعرض البيانات بشفافية تامة كي لا تتأثر قيمة الدينار.

في الختام، دعا الفيتوري المصرف المركزي إلى التأكيد على عدم تغيير سعر صرف الدينار مقابل الدولار، موضحًا أن من واجب أي مصرف مركزي الحفاظ على سعر العملة الوطنية عندما تكون مرتبطة بعملة أخرى. يعتقد أن التزام المصرف بسعر صرف ثابت، مع القدرة على الدفاع عنه، سيكون له دور أساسي في استقرار السوق المالي الليبي وطمأنة المواطنين والمستثمرين.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24