في خضم تصاعد الأزمة السياسية في ليبيا، تتوالى التصريحات حول اقتراح المجلس الرئاسي لاستفتاء إلكتروني يستهدف حل مجلسي النواب والدولة، وهو ما واجه ردود فعل معارضة من أعضاء مجلس النواب، وفي مقدمتهم عضو مجلس النواب سالم قنيدي، الذي أكد عدم شرعية المجلس الرئاسي ورفضه الصريح لأي إجراء من شأنه تغيير الخريطة السياسية للبلاد دون العودة إلى شرعية مجلس النواب.
قنيدي علق بقوة على عزم المجلس الرئاسي إجراء استفتاء إلكتروني، معتبرًا أنه يتجاوز صلاحياته ولا يحمل أي شرعية قانونية. ويذكر قنيدي في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“، أن الثقة قد سُحبت من المجلس الرئاسي في جلسة سابقة، ما يعني أن أي خطوات يتخذها تعتبر، من وجهة نظره، غير معترف بها. ويطرح قنيدي تساؤلات حول مدى واقعية مثل هذا الاستفتاء، خاصة وأنه لم يصدر من جهة رسمية مثل المفوضية العليا للانتخابات، التي تمثل الإطار الرسمي لتنظيم مثل هذه الخطوات.
“الاستفتاء الإلكتروني لن يكون إلا خداعًا للجماهير”، يصرح قنيدي، موضحًا أن هذا الاستفتاء هو “محاولة لخلق صورة توهم الشعب بوجود توافق، بينما في الحقيقة، المجلس الرئاسي يفتقر إلى الدعم المطلوب لتنفيذ هذا المشروع.”
يشير قنيدي في حديثه إلى أن تشكيل حكومة موحدة يبدو حتى اللحظة أمرًا بعيد المنال، ويفسر ذلك بأن العقبة الأساسية تأتي من داخل مجلس النواب نفسه، حيث أن قرار تشكيل هذه الحكومة مرهون بموافقة رئيس المجلس. ويرى قنيدي أن عدم رغبة رئيس المجلس في اتخاذ خطوات فعلية نحو حكومة موحدة يشكل العائق الأكبر، قائلاً: “وجود حكومتين على أرض الواقع يُعد عبئًا سياسيًا واقتصاديًا على ليبيا، والوضع الحالي غير مقبول.”
في نظر قنيدي، توحيد الحكومة أمر بالغ الأهمية لاستعادة الاستقرار في ليبيا، غير أن العراقيل المتعمدة من بعض القيادات تضيف مزيدًا من التعقيد على المشهد السياسي.
ولا تتوقف انتقادات قنيدي عند المجلس الرئاسي، بل تتعداه إلى البعثة الأممية في ليبيا، حيث أبدى استياءه من أداء البعثة عبر السنوات، مشيرًا إلى عدم استفادة ليبيا من جهود البعثة والمبعوثين المتعاقبين. ويضيف قنيدي: “لم تقدم البعثة أي فائدة ملموسة لليبيا؛ كل المبعوثين جاءوا وذهبوا دون إحداث أي تغيير فعلي.”
ويعتقد قنيدي أن تغيير المبعوثين الأمميين لن يأتي بحل، حيث يرى أن المسؤولين الدوليين “يدخلون البلاد بآمال كبيرة، لكنهم يغادرون دون أي إنجاز يُذكر”، في إشارة إلى الحالة الأخيرة للمبعوث عبد الله باثيلي وخلافه، الذي وصفه قنيدي بأنه “لن يكون أفضل من سابقه.”
بشكل عام، يعتقد قنيدي أن المجلس الرئاسي تجاوز حدوده عندما دعا إلى الاستفتاء الإلكتروني دون التنسيق مع المفوضية العليا للانتخابات. ويؤكد أن “الاستفتاء لا يمكن أن يُنفذ دون جهة شرعية تمثل الهيئة العليا للانتخابات.” ويتساءل قنيدي عن الدور الفعلي للمفوضية في حالة استمرار المجلس الرئاسي بمثل هذه الخطوات، مشيرًا إلى أن هذه المحاولات قد تؤدي إلى مزيد من التشويش في المشهد السياسي وتعمق الفجوة بين الجهات الشرعية وغير الشرعية.
تأتي تصريحات قنيدي وسط توترات سياسية حادة، حيث تستمر حالة الانقسام وتستمر الأزمة المؤسسية في ليبيا بلا أفق واضح للحل. ويرى مراقبون أن تصريحات قنيدي تعكس قلقًا كبيرًا من استمرار الانقسامات داخل مجلس النواب والمجلس الرئاسي، بالإضافة إلى الفشل المتكرر للبعثة الأممية في إحراز تقدم ملموس في حل النزاع.
ويختتم قنيدي تصريحاته مؤكدًا على ضرورة عودة الشرعية إلى المؤسسات الدستورية، مشيرًا إلى أن “الحل لا يكمن في استفتاءات تفتقد الإطار الشرعي، بل في عودة واضحة إلى الاتفاقات الدولية واستعادة دور مجلس النواب كهيئة شرعية.