في مشهد يعكس الوحدة الوطنية وسط تباينات المشهد السياسي، أعلن 98 من عمداء البلديات ورؤساء المجالس التسييرية في مختلف المدن والمناطق شرقًا وجنوبًا وغربًا، تأييدهم للدعوة التي أطلقها رئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عماد السايح. وقد عبر هؤلاء المسؤولون المحليون عن دعمهم الكامل لإجراء انتخابات المجالس البلدية في الموعد المحدد، بما يعزز الاستقرار السياسي ويضمن توطيد الحوكمة المحلية، التي تعد إحدى ركائز بناء الدولة.
التصريح الذي جاء بتوقيع رؤساء البلديات من مختلف أنحاء البلاد، ألقى الضوء على توافق في الرؤية الوطنية بشأن دعم العملية الانتخابية، رغم الانقسامات السياسية المتعددة. كما يشير هذا البيان إلى تفعيل دور البلديات في دعم الاستقرار من خلال تمكين المجالس المنتخبة لتحقيق الأهداف المحلية والوطنية، وتثبيت شرعية المؤسسات.
وإلى جانب تأييدهم لإجراء الانتخابات، أكد عمداء البلديات دعمهم لمجلس النواب والمؤسسات المنبثقة عنه، في خطوة تعكس احترام الأطر القانونية التي تشكل الأساس للعمل السياسي في ليبيا. ويبدو أن هذا الدعم يؤكد أن البلديات، باعتبارها أقرب المؤسسات إلى المواطن، ترى في استمرارية عمل مجلس النواب والمؤسسات التابعة له إطارًا ضامنًا لتنفيذ السياسات التي تساهم في معالجة المشكلات المحلية، والتخفيف من حدة الانقسام المجتمعي والسياسي.
كما أن تأييدهم للمؤسسات المنبثقة عن مجلس النواب يعكس الثقة التي يضعها العديد من رؤساء البلديات في المؤسسات السياسية القائمة حاليًا، حيث يعتبرونها جزءًا أساسيًا من بناء مستقبل مستقر لليبيا. ويعبر هذا الدعم عن رغبة العديد من البلديات في إرساء الاستقرار السياسي، بما يخدم مواطنيها ويسهم في تطوير برامج التنمية المحلية.
البيان الصادر عن عمداء البلديات يشمل أيضًا دعمهم للحكومة الليبية التي يرأسها الدكتور أسامة حماد، وهو ما يعكس رؤية شاملة ترتكز على أهمية توحيد المؤسسات وتعزيز التنسيق بين السلطة المركزية والسلطات المحلية. إن الدعم المعلن لحكومة حماد يأتي في وقت حساس، حيث تواجه الحكومة العديد من التحديات، بدءًا من توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وصولًا إلى تعزيز الأمن وتنفيذ المشاريع التنموية في مناطق عدة من البلاد.
هذا التأييد يعكس فهمًا عميقًا من قبل البلديات لأهمية التعاون مع الحكومة، وضرورة توفير بيئة داعمة لمواصلة تحقيق الأهداف التنموية في مختلف القطاعات. كما يشير إلى إدراك البلديات أن التعاون بين الحكومات المحلية والمركزية يمثل أحد عوامل النجاح في تحسين مستوى المعيشة للمواطنين الليبيين.
يتجاوز دعم رؤساء البلديات لموقف السايح بضرورة إجراء الانتخابات أهميةً سياسية بحتة، حيث يعتبر هؤلاء أن الانتخابات البلدية تشكل عنصرًا أساسيًا في بناء الديمقراطية المحلية، وتعزيز المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار. ويرى المراقبون أن هذا التأييد الصريح للانتخابات يعكس التزامًا واضحًا من البلديات بالعمل على تكريس مبادئ الديمقراطية، وتعزيز الشفافية في إدارة الشؤون المحلية.
كما يعتبر تأييد رؤساء البلديات لإجراء الانتخابات تأكيدًا على الدور الحيوي الذي تلعبه المجالس المنتخبة في إرساء الاستقرار، حيث تتمتع بقدرة أكبر على الاستجابة لمطالب المجتمع المحلي. ويدل ذلك على أهمية تمكين المواطنين من اختيار ممثليهم في المجالس البلدية، لضمان تلبية احتياجاتهم وتعزيز روح التعاون والتنمية في المجتمع.
يواجه عمداء البلديات العديد من التحديات، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد. ويضع هذا البيان المشترك ضغوطًا إضافية على البلديات للالتزام بوعودها في حال إجراء الانتخابات وإعطاء الأولوية للمشاريع التنموية التي تستجيب لاحتياجات المواطنين. وفي هذا السياق، تتطلع البلديات إلى الحصول على دعم إضافي من الحكومة المركزية، سواء عبر تحسين التخصيصات المالية أو تعزيز الكفاءة الإدارية.
إن هذا الالتزام بتحقيق الأهداف الانتخابية يعد خطوة إيجابية نحو ترسيخ نظام الحكم المحلي في ليبيا، حيث تأمل البلديات في المساهمة في تعزيز الاستقرار وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. ويرى المحللون أن التعاون بين البلديات والحكومة المركزية ضروري لاستكمال الجهود الرامية لبناء دولة مؤسسات قوية قادرة على تحقيق التطلعات الوطنية.