في خضم أزمة سياسية متفاقمة تسود المشهد السياسي تسود المشهد ، وجّه عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي، انتقادات لاذعة للمجلس الرئاسي، متهماً إياه بتعطيل توافقات هامة بين مجلسي النواب والدولة، وسط تحركات مكثفة لتشكيل حكومة جديدة. يتصدر هذا الصراع محاولات أعضاء مجلس الدولة لإجراء انتخابات ديمقراطية تفضي إلى رئيس جديد يكون قادراً على إدارة المرحلة الانتقالية والتعاون بشكل فعال مع مجلس النواب، إلا أن تدخلات المجلس الرئاسي المتكررة، وفقًا للعرفي، تعرقل هذه المساعي.
تبدو مساعي المجلس الرئاسي واضحة في محاولة بسط نفوذه على المشهد السياسي، حيث يرى العرفي في تصريحات تلفزيونية تابعتها “أخبار ليبيا 24″، أن الرئاسي يتخذ إجراءات تؤدي إلى إرباك جداول أعمال مجلس الدولة، مما يعوق إمكانية الوصول إلى توافقات سياسية حقيقية بين المؤسسات الليبية. ويضيف العرفي أن هذه التدخلات المتكررة لا تخدم استقرار ليبيا، بل تسهم في إطالة أمد الأزمة السياسية والانقسام الذي يعصف بالدولة.
تتجلى مخاوف العرفي في تصريحات تعكس رغبة مجلس النواب في استكمال التوافق مع مجلس الدولة، حيث يعتبره ركيزة أساسية لتفعيل الاستحقاقات القادمة، خصوصًا فيما يتعلق بتشكيل الحكومة. فدون توافق مشترك بين المجلسين، سيظل الوضع السياسي عالقًا بين مواقف متضاربة تؤدي إلى تفاقم الوضع الحالي وزيادة التوترات بين الأطراف المختلفة.
ومن أهم النقاط التي أكد عليها العرفي هي دعوته إلى جلسة ديمقراطية شفافة داخل مجلس الدولة لإجراء الانتخابات، إذ يرى أن الانتخاب الديمقراطي لرئيس جديد لمجلس الدولة سيكون خطوة حاسمة لتأكيد الشرعية السياسية ودفع عجلة الاستحقاقات المتأخرة. ويعتقد العرفي أن هذه الانتخابات، في حال جرت في أجواء ديمقراطية حقيقية، ستساعد على إقناع الفائز بضرورة التعاون مع مجلس النواب لتجاوز التحديات المشتركة التي تواجه البلاد، وتثبيت الثقة بين مؤسسات الدولة.
ويأمل العرفي أن تكون هذه الجلسة المقبلة حاسمة في انتخاب رئيس قادر على تجاوز الخلافات وتفعيل دور المجلس في عملية الانتقال الديمقراطي، ما يعزز فرص التوصل إلى حلول مشتركة للأزمات الراهنة.
ما يزيد من تعقيد الوضع هو التدخل المستمر للمجلس الرئاسي، حيث يرى العرفي أن دور الرئاسي لا يتماشى مع المتطلبات الديمقراطية ولا يساهم في تهيئة البيئة المناسبة لاستكمال التوافقات بين مجلسي النواب والدولة. يتهم العرفي المجلس الرئاسي باتخاذ خطوات تعيق جهود التئام مجلس الدولة، وهي خطوات قد تؤدي إلى تعميق الانقسامات بين المؤسسات الرئيسية، وتثير مخاوف من عودة شبح الانقسام السياسي الذي أرهق البلاد لسنوات.
في ظل هذه التحديات، يؤكد العرفي على ضرورة أن يتحمل مجلس الدولة مسؤوليته التاريخية من خلال التئام كامل أعضائه في جلسة موحدة تقطع الطريق أمام أي تدخلات خارجية، سواء من المجلس الرئاسي أو أي جهة أخرى. هذه الخطوة، بحسب العرفي، ضرورية لضمان استكمال باقي الاستحقاقات الدستورية وتشكيل حكومة وطنية تكون قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية المتفاقمة التي تشهدها البلاد.
يستشعر الشارع تبعات هذا الصراع السياسي على أرض الواقع، إذ يعيش المواطن في ظل انقسامات تتجلى في جميع مناحي الحياة. ومع تفاقم الأزمة، تظل تساؤلات المواطنين حائرة حول قدرة النخب السياسية على تجاوز خلافاتها وإنهاء التدخلات الخارجية التي تعيق بناء دولة المؤسسات والقانون.
يخشى العرفي من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تعميق أزمة الشرعية بين المؤسسات، خاصة أن التدخلات المستمرة للمجلس الرئاسي في شؤون مجلس الدولة تثير تساؤلات حول مدى توافق هذه التحركات مع الدستور، وتضع البلاد على أعتاب مزيد من الصراع بين الأطراف المتنافسة.
في الختام، يراهن العرفي على أن تكون الجلسة القادمة لمجلس الدولة فرصة حقيقية لرأب الصدع وإحداث تحول جوهري في مسار الأزمة السياسية، عبر انتخاب رئيس يلتزم بمسار ديمقراطي حقيقي ويفضي إلى حكومة موحدة تضم جميع الأطياف وتساهم في معالجة القضايا الوطنية الملحة. فبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه قد يطيل أمد الأزمة، مما يتطلب من جميع الأطراف التعامل بجدية مع هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها ليبيا.
يضع العرفي، في خضم هذه التحديات، أمله في أن تساهم الإرادة السياسية لدى أعضاء مجلس الدولة في تجاوز المصالح الشخصية وتغليب المصلحة الوطنية، ليتمكنوا من اتخاذ خطوات حاسمة تساهم في تحقيق الاستقرار ودفع البلاد نحو مرحلة جديدة تكون أكثر استقرارًا وانسجامًا مع تطلعات الشعب الليبي.