ليبيا الان

“أخبار ليبيا 24” تكشف تفاصيل جديدة حول غرق السفينة “دانا”

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

كارثة “دانا”: سفينة الإسمنت المصرية وأمواج العاصفة الليبية

في ليلة عاصفة من ليالي أكتوبر، تحديدا على مشارف الساحل الليبي، أبحرت السفينة المصرية “دانا” من ميناء أبوقير محملةً بأمل ومئات الأطنان من الإسمنت، متوجهةً إلى ميناء بنغازي. لم يعلم ركابها التسعة، من السودانيين، الباكستانيين، اللبنانيين، والسوريين، أن رحلتهم ستنتهي عند أمواج متلاطمة تسببت في أكبر كارثة بحرية تشهدها الشواطئ الليبية هذا العام.

كانت “دانا” سفينة تجارية، شُيدت عام 1981 بطول يقارب 88 متراً وعرض 11 متراً، وتحت علم بانما، تأخذ شراعها نحو بنغازي حاملة 3200 طن من الإسمنت. بعد أيام من الإبحار وبالقرب من الساحل الليبي، واجهت السفينة عاصفة لم تكن في الحسبان، حيث ارتفعت الأمواج لتصل إلى سبعة أمتار، مانعةً السفينة من التقدم وتسببت بفقدان السيطرة عليها.

مع تزايد الخطر وصعوبة السيطرة على السفينة، قرر الطاقم استخدام قارب النجاة. جميعهم قفزوا في محاولة أخيرة للتشبث بالحياة، مغادرين سطح السفينة الموشكة على الغرق. ورغم الظلام الحالك، اتجه قارب النجاة نحو الشاطئ، ووصل إلى منطقة وعرة تعرف بوادي الخبطة في أم الرزم. إلا أن الليلة المظلمة وصعوبة الظروف حالت دون نجاة الجميع.

وصل إلى الشاطئ ستة بحارة، منهكين ولكن أحياء. لم يسلم القبطان السوداني من المصير المأساوي، فقد قضى غرقاً، بينما اختفى اثنان من الطاقم بين الأمواج المظلمة. لم يكن أمام الناجين سوى شق طريقهم إلى طبرق، حيث احتُفل بسلامتهم وتقديم الاحترام لمن قضى في الحادث.

عند وصول الناجين الستة إلى طبرق، تم استقبالهم من الجهات المحلية وتكريمهم بفندق باب طبرق. شاركت جهات ليبية عدة في عمليات الإنقاذ، بدءًا من الوكيل الملاحي ببحر بنغازي وصولًا إلى قوات مسلحة وأمن وسكان المنطقة، في ملحمة تضامنية، جسدت الروح الإنسانية العريقة للشعب الليبي، ورغبتهم في مد يد العون للناجين وإيوائهم.

تحمل السفينة “دانا” رقم التعريف الدولي (IMO) 8104553 ورقم النداء 5IM417، وهي مجهزة لتحمل حمولات ثقيلة، وتزن 3608 أطنان. وقد كانت مسجلة للوصول في 31 أكتوبر الساعة 22:00، لكن القدر سبق خطط الطاقم. كانت حادثة غرقها رمزاً للتحديات التي يواجهها الملاحة البحرية، خاصة مع ظروف الطقس العاصف في تلك الليلة.

بقدر ما كانت حادثة غرق “دانا” مأسوية، بقدر ما تحمل دروساً متعددة لأطراف عدة. أولاً، يجب تعزيز تدابير السلامة في السفن التجارية، خاصة تلك التي تعمل في مسارات بحرية ذات طقس متقلب. ثانياً، يظهر مدى الحاجة للتعاون الدولي في مسائل الإنقاذ البحري، نظراً لأن جهود الإنقاذ كانت ستواجه صعوبات لولا التعاون بين قوات البحرية الليبية والسكان المحليين.

وفي فندق باب طبرق، شهد الناجون تكريماً مؤثراً، حيث وقف الجميع لحظة صمت احتراماً لذكرى القبطان السوداني ورفيقيه المفقودين. كانت هذه الليلة نهاية رحلة بائسة ولكن بداية لذكرى إنسانية فريدة، تذكر الجميع بقيمة التضامن والعمل الجماعي، حتى في أحلك الظروف.

تجسد حادثة “دانا” واقع الملاحة في المتوسط، والتي تعاني أحياناً من تقلبات الطقس والمخاطر البحرية. من هنا، تحتاج السلطات البحرية إلى تعزيز إجراءات الأمان وتحديث البروتوكولات، خاصة خلال فصول الطقس الصعبة. كما تبرز هذه الحادثة أهمية التوعية بأهمية تجهيز السفن لتكون مؤهلة للتعامل مع الظروف الجوية القاسية.

رغم قسوة المشهد، اختتمت هذه الحادثة بتقديم الدعم الكامل للناجين. من الشواطئ الليبية وحتى طبرق، تعالت صرخات النجاة مختلطةً بدموع الحزن على من غابوا. كانت “دانا” سفينة تحمل أكثر من الإسمنت، كانت تحمل أرواحاً وأملاً وعزمًا، لكنها تركت خلفها قصة ستظل عالقةً في أذهان من شهدوا ملحمتها.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24