مع استمرار التوترات السياسية والاجتماعية في ليبيا، يستعد مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة هامة خلال نوفمبر الجاري لمناقشة مستجدات الوضع في البلاد. في صلب هذه الجلسة تأتي إحاطة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، التي ستسلط الضوء على جهود تحقيق العدالة والمحاسبة في ظل التحديات التي تواجهها ليبيا منذ اندلاع الأزمة.
يركز كريم خان في إحاطته المرتقبة على الأنشطة التي تضطلع بها المحكمة الجنائية الدولية لضمان المحاسبة عن الجرائم المرتكبة في ليبيا. هذه القضايا، التي لا تزال محط اهتمام دولي واسع، تشمل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب التي ارتكبتها مختلف الأطراف خلال الصراع.
تشير التوقعات إلى أن إحاطة خان ستتضمن تقييمًا للتقدم المحرز في تحقيقات المحكمة، ومدى تعاون الأطراف الليبية والمجتمع الدولي مع هذه الجهود. ويتوقع أن يبرز خان ضرورة الالتزام بمعايير العدالة الدولية كوسيلة لإعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع الليبي المتصارع.
من ناحية أخرى، يظل تعزيز الزخم السياسي نحو إجراء انتخابات وطنية شاملة وتشكيل حكومة موحدة قضية جوهرية بالنسبة لمجلس الأمن. يدرك أعضاء المجلس أن تحقيق الاستقرار الدائم في ليبيا يتطلب توافقًا سياسيًا بين الحكومات المتنافسة في الشرق والغرب، ما يستوجب وضع إطار قانوني واضح للانتخابات الوطنية المرتقبة.
تواجه الجهود السياسية في ليبيا عراقيل عديدة، أبرزها غياب الثقة بين الأطراف الليبية، واستمرار التدخلات الخارجية التي تعمق الانقسامات. مع ذلك، تسعى الأطراف الدولية الفاعلة، بما في ذلك الأمم المتحدة، إلى تمهيد الطريق نحو انتخابات يمكن أن تمثل نقطة تحول في مسار الأزمة الليبية.
تمثل القوانين الانتخابية المرتقبة محور التفاهمات السياسية التي يسعى مجلس الأمن لتعزيزها. ويدرك المجلس أن وضع قواعد واضحة وعادلة للانتخابات يعد شرطًا أساسيًا لتجنب صراعات جديدة بشأن شرعية النتائج. في هذا السياق، تُبذل جهود دبلوماسية مكثفة لجسر الهوة بين الأطراف المتنازعة وتجنب إخفاق التجارب السابقة في الوصول إلى اتفاق شامل.
يشدد الخبراء على أن تحقيق المحاسبة والعدالة عن الجرائم المرتكبة يجب أن يسير بالتوازي مع دعم سياسي واقتصادي واجتماعي يضمن استقرار ليبيا. فالاستقرار السياسي لا يمكن فصله عن العدالة الاجتماعية، وهو ما يتطلب التزامًا دوليًا مستدامًا تجاه إعادة بناء مؤسسات الدولة الليبية.
بين مساعي المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق العدالة، والجهود الدولية لدعم انتخابات وطنية شاملة، يقف مجلس الأمن أمام تحديات معقدة في مسعاه لإحلال السلام في ليبيا. وفيما يترقب الليبيون والعالم نتائج هذه الجهود، يبقى تحقيق توافق سياسي شامل الشرط الأهم لتجاوز الأزمة الراهنة وفتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد.