ليبيا الان

هجرة الليبيين عبر المتوسط.. البحث عن حلم مفقود

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

وسط أمواج البحر المتوسط التي تحمل قصصاً مفعمة بالألم، يبرز مشهد الشاب الليبي الذي قرر مغادرة بلده الثري بالنفط على متن قارب متهالك، متجاوزاً خطر الموت من أجل حلم قد لا يتحقق. هذه الرحلات المميتة تعكس واقعاً متردياً، حيث تجتمع الأزمات الاقتصادية والسياسية لتدفع بأبناء هذا الوطن نحو المجهول.

ليبيا، التي تنتج أكثر من 1.3 مليون برميل نفط يومياً، تعاني من أزمات اقتصادية طاحنة. البطالة تقدر بـ19%، والفقر بلغ 40% وفق دراسات رسمية لعام 2023. هذه الأرقام تحكي قصة شباب محبط يفتقر إلى العدالة الاجتماعية وفرص العمل. أحد هؤلاء الشباب، الذي لم يتجاوز العشرين من عمره، يقول: “شقيقي الجامعي لم يجد عملاً، فكيف لي أن أبني مستقبلي هنا؟”.

الهجرة غير النظامية إلى أوروبا ليست خياراً سهلاً، لكنها باتت بالنسبة للكثيرين حلاً أخيراً. تكلفة رحلة القارب لا تتجاوز 600 دولار، مبلغ يسهل تدبيره مقارنةً بشروط الحصول على تأشيرة أوروبية التي تتطلب حساباً بنكياً بأكثر من 5000 دولار. هذه المفارقة تجعل البحر أقل تكلفة من الطرق القانونية، على الرغم من مخاطره.

الانقسام السياسي في ليبيا يفاقم الوضع. حكومتان تتنازعان السلطة، بينما المواطن هو الضحية. وزير الداخلية المكلف في حكومة الوحدة الوطنية، عماد الطرابلسي، أعلن مؤخراً عن إجراءات تضييق تستهدف ما وصفه بـ”السياسات المجتمعية المنفلتة”. هذه التصريحات تزيد من الشعور بالاختناق لدى الشباب الذين يرون في الهجرة وسيلة للهروب من الفقر والاستبداد.

من جهة، تدعو أوروبا إلى شراكة مع ليبيا، ومن جهة أخرى ترفض نسبة كبيرة من تأشيرات الليبيين. هذا التناقض يعمق أزمة الثقة بين الليبيين والغرب، ويعزز قناعة البعض بأن الطريق إلى أوروبا يمر عبر قوارب الموت، لا عبر المكاتب الرسمية.

وفقاً للناشط الحقوقي طارق لملوم، هناك 870 ليبياً هاجروا بشكل غير نظامي منذ بداية العام الحالي، من بينهم نساء وأطفال. توزعوا على مراكز لجوء في دول أوروبية، أبرزها ألمانيا وهولندا وإيطاليا. لكن اللافت هو أن هذه الأرقام لا تمثل سوى القليل من الواقع، إذ إن العديد من المهاجرين لا يتم تسجيلهم رسميًا.

بينما يعاني المهاجرون ويلات الغربة، يرى البعض في الداخل أن أسباب الهجرة غير مقنعة. عضو مجلس النواب عصام الجهاني يقول إن الشباب الليبي يفضل الوظائف الحكومية التي توفر راتباً مضموناً دون جهد يُذكر. لكنه يغفل عن حقيقة أن القطاع الخاص يعاني من انعدام التنظيم ويعتمد على العمالة الوافدة برواتب متدنية.

الحديث عن الهجرة يتجاوز الأرقام والتحليلات ليصل إلى القناعة بأن المستقبل في ليبيا قاتم. الشاب الذي وصل إلى هولندا لا ينتظر سوى قرار بمنحه الإقامة، لكنه يعتقد أن بلاده لن تشهد استقراراً قريباً. وبينما يرى البعض أن هذه الهجرة تهديد للنسيج الاجتماعي والاقتصادي، يعتبر آخرون أنها مؤشر على فشل الدولة في تحقيق طموحات أبنائها.

الحلول تبدو غائبة عن الأفق. معالجة الهجرة تتطلب استقراراً سياسياً وتنمية اقتصادية جادة، وهو ما يبدو بعيد المنال في ظل الصراعات والانقسامات الراهنة. وبينما تحاول أوروبا التصدي للهجرة غير النظامية عبر دعم خفر السواحل الليبي، يبقى السؤال: هل يمكن إيقاف مد القوارب دون معالجة الأسباب الجذرية؟

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24