في بلدٍ يعاني من ويلات الصراع وانعدام الاستقرار، تضيف معاناة أطفال ضمور العضلات صفحة جديدة من الألم إلى سجل المآسي. هؤلاء الأطفال، الذين يُفترض أن تشرق حياتهم بابتسامات البراءة، يقفون اليوم على حافة الموت في انتظار “الحقنة الجينية”، تلك التي تحمل أملاً ضئيلاً للنجاة.
رئيس رابطة مرضى ضمور العضلات، محمد أبوغميقة، كشف النقاب عن فشل حكومة عبد الحميد الدبيبة منتهية الولاية في الوفاء بوعودها بإيفاد الأطفال للعلاج في الإمارات. منذ يوليو الماضي، حين اجتمع أبوغميقة بالدبيبة، لم يتم إحراز أي تقدم يذكر، تاركًا 17 طفلاً يكافحون الزمن، فيما فقد 8 آخرون حياتهم دون أن يتمكنوا من الوصول إلى العلاج.
الحقنة الجينية، التي تعد الأمل الوحيد لإنقاذ حياة الأطفال، تكلف مليونًا و800 ألف دولار. ورغم أن الأموال الليبية تُهدر في مشاريع مشبوهة وصراعات سياسية لا تنتهي، يجد المواطن البسيط نفسه عاجزًا عن توفير علاج لأغلى ما يملك.
منذ أشهر، تكرر الحكومة وعودها بإيفاد المرضى إلى الخارج، إلا أن شيئًا لم يتغير. وفي الوقت الذي يعلن فيه الدبيبة عن اتفاقيات مع دول لعلاج المرضى، تبقى هذه الوعود مجرد حبر على ورق. هل يعي المسؤولون أن الوقت لا يرحم، وأن كل دقيقة تأخير تسرق حياة طفل؟
بينما يزداد السخط الشعبي، تستعد رابطة مرضى ضمور العضلات لتنظيم وقفة احتجاجية للمطالبة بحقوق الأطفال في العلاج الفوري. إنها ليست مجرد مطالب صحية؛ بل صرخة ألم تفضح عجز دولة بأكملها عن حماية أبنائها.
ليبيا، التي كانت يومًا من أغنى دول العالم، تحولت إلى مسرح لصراعات لا تنتهي، حيث تُنهب الثروات بلا حسيب أو رقيب. وفي هذا المشهد العبثي، يعاني الشعب المكلوم، الذي يُفقد فلذات أكباده تحت وطأة الإهمال والفساد.
الأزمة التي يعيشها أطفال ضمور العضلات في ليبيا هي انعكاس لوضع أوسع يشمل كل جوانب الحياة. الحلول ليست مستحيلة، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية ووعي مجتمعي يضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار.