في ظل التعقيدات السياسية والأمنية التي تعيشها ليبيا، تواصل الأمم المتحدة بذل جهودها لتجاوز العقبات وتوجيه البلاد نحو طريق يحقق الاستقرار والسلام المستدام. وأعلنت القائم بأعمال المبعوث الأممي إلى ليبيا، ستيفاني خوري، عن سلسلة من الاجتماعات واللقاءات التي عقدتها خلال الأيام الأخيرة مع ممثلي مختلف الأطراف الليبية، مركزة على ضرورة تجاوز الجمود السياسي والعمل على تحقيق الانتخابات التي طال انتظارها.
بدأت خوري يومها بلقاء مع ممثلي الأحزاب السياسية الليبية، حيث ركزت على دورهم المحوري في إنجاح العملية الديمقراطية التي تسعى الأمم المتحدة إلى تيسيرها. وأكدت خلال اللقاء على ضرورة أن تكون المشاركة في العملية السياسية شاملة وهادفة، مع إعطاء اهتمام خاص لمشاركة النساء، كعنصر أساسي في تحقيق ديمقراطية متكاملة.
تأتي هذه التصريحات في وقت تواجه فيه ليبيا تحديات كبيرة تتعلق بتوحيد مؤسسات الدولة وتجاوز الانقسامات التي تعيق التقدم السياسي. وأوضحت خوري أن الأحزاب السياسية يجب أن تتحلى بروح المسؤولية الوطنية والعمل الجماعي لتحقيق تطلعات الشعب الليبي نحو انتخابات حرة ونزيهة تقود البلاد إلى مرحلة جديدة من الاستقرار.
وفي العزيزية، التقت خوري باللواء أسامة الجويلي، أحد أبرز الشخصيات العسكرية والسياسية في ليبيا، حيث تركز النقاش حول التطورات السياسية والأمنية الراهنة. وشددت خوري على أهمية توحيد مؤسسات الجيش والأمن، باعتبارها خطوة لا غنى عنها لتحقيق استقرار طويل الأمد.
كما ناقش الطرفان السبل الممكنة للمضي قدماً نحو إجراء الانتخابات، وهو الملف الذي يتصدر أولويات بعثة الأمم المتحدة. وتطرقت المناقشات إلى كيفية تعزيز السلام والأمن في ليبيا من خلال حلول عملية تتماشى مع الاحتياجات الملحة للمواطنين.
يرى مراقبون أن لقاءات خوري تأتي ضمن مساعٍ حثيثة لإعادة بناء الثقة بين الأطراف الليبية المختلفة. ومع استمرار الجمود السياسي، تبدو الحاجة ملحة إلى وساطة دولية فعالة تستطيع كسر الحواجز وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين.
وأكدت خوري أن “الجمود السياسي لا يخدم مصلحة الشعب الليبي”، وأن الوقت قد حان لإعادة إحياء العملية السياسية بما يضمن إشراك جميع الأطراف في حوار وطني شامل. وتعتبر هذه النقطة ذات أهمية خاصة في بلد يعاني من انقسامات عميقة منذ أكثر من عقد.
أعادت خوري التأكيد على أهمية دور النساء في المشهد السياسي الليبي، مشيرة إلى أن نجاح أي عملية ديمقراطية يعتمد على تمكين المرأة من المشاركة الفاعلة في الحياة العامة. وتأتي هذه التصريحات في وقت تسعى فيه منظمات المجتمع المدني الليبية إلى تعزيز حقوق النساء وتمكينهن من لعب دور ريادي في بناء المستقبل السياسي للبلاد.
تحظى الانتخابات الليبية بدعم دولي واسع، لكنها تواجه تحديات داخلية كبيرة تتعلق بتوحيد المؤسسات والتوافق على القوانين المنظمة لها. وأشارت خوري إلى أن بعثة الأمم المتحدة تعمل على تذليل العقبات أمام هذا المسار، مؤكدةً أن نجاح الانتخابات يعتمد على التزام جميع الأطراف الليبية بإرادة وطنية صادقة.
تواصل الأمم المتحدة جهودها لدعم ليبيا في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخها، مع تركيز خاص على توحيد مؤسسات الدولة وضمان مشاركة شاملة لجميع الأطراف. وتؤكد لقاءات ستيفاني خوري مع ممثلي الأحزاب واللواء الجويلي على التزام البعثة الأممية بدعم الليبيين في مسعاهم لتحقيق الاستقرار والديمقراطية. ورغم التحديات، يظل الأمل قائماً بأن هذه الخطوات ستقود إلى مستقبل أكثر إشراقاً لليبيا وشعبها.