مع استعداد القائم بأعمال المبعوث الأممي لدى ليبيا، ستيفاني خوري، لتقديم إحاطتها الرابعة أمام مجلس الأمن الدولي، تتصاعد الترقبات داخل الأوساط الليبية والدولية حول ما قد تحمله هذه الإحاطة من مستجدات. في ظل استمرار حالة الجمود السياسي وتعثر الجهود المبذولة لإجراء الانتخابات، تتباين الآراء بشأن قدرة خوري على تحقيق اختراق في المشهد الليبي المضطرب.
منذ تسلمها مهامها، تواجه خوري تحديات ضخمة أبرزها إعادة بناء الثقة بين الأطراف الليبية المتناحرة، وتهيئة البيئة المناسبة لإجراء انتخابات وطنية تضع حدًا للأزمة الممتدة. خلال الأسبوعين الماضيين، انخرطت خوري في سلسلة مكثفة من اللقاءات مع الأطراف السياسية الرئيسية وسفراء الدول الغربية، بهدف حشد الدعم لمبادرة جديدة يُتوقع أن تعلنها في إحاطتها المرتقبة.
ومع ذلك، تتسم الساحة الليبية بحالة من الانقسام الحاد في التوقعات. ففي حين يأمل البعض أن تحمل الإحاطة بادرة أمل تنهي الجمود، يتوقع آخرون أن تكون تكرارًا لآليات سبق أن أثبتت محدودية فعاليتها.
في هذا السياق، يرى رئيس لجنة 6+6 في مجلس النواب، جلال الشويهدي، أن إحاطة خوري المرتقبة لن تحمل أي جديد يذكر. ويضيف الشويهدي: “من الواضح أن خوري ستعتمد نفس الآليات التي اتبعتها سابقتها ستيفاني وليامز، مثل تشكيل لجنة حوار سياسي تجمع ممثلين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة ومكونات أخرى من المجتمع المدني”.
لكن الشويهدي يصف في تصريحات صحفية رصدتها“أخبار ليبيا 24“، هذه الآليات بأنها “مجرد حلول ترقيعية” لن تسهم في تحقيق أي اختراق فعلي للأزمة السياسية. ويؤكد أن هذه اللجنة، رغم أهدافها الطموحة، غالبًا ما تنتهي بزيادة تعقيد المشهد بدلاً من حله.
لتوضيح موقفه، يشير الشويهدي إلى تجربة وليامز التي رعت ملتقى الحوار السياسي الليبي. أسفرت تلك الجهود عن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي، لكنها فشلت في تحقيق توافق بشأن الإطار القانوني للانتخابات. هذا الفشل انعكس في تعميق الانقسام السياسي وزيادة التوترات على الأرض، وهو ما يخشى الشويهدي أن يتكرر في مبادرة خوري.
ليست التحديات التي تواجه خوري مقتصرة على الجوانب السياسية، بل تمتد إلى التوترات الميدانية والمصالح المتضاربة. القوات المسلحة التي تسيطر على الشرق، بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوى المنافسة في الغرب، لا تزال غير متفقة على أسس واضحة لتقاسم السلطة.
أحد العوامل التي تزيد من تعقيد مهمة خوري هو الإرث الذي تركته البعثة الأممية في ليبيا. منذ تدخل الأمم المتحدة في الملف الليبي، توالت المبادرات الدولية، لكنها غالبًا ما كانت تعاني من ضعف في التنفيذ أو عدم التناغم مع الواقع الليبي.
رغم الإجماع النظري على ضرورة إجراء الانتخابات، لا تزال الخلافات حول القوانين الانتخابية والضمانات الأمنية تلقي بظلالها على إمكانية تحقيق هذا الهدف. ويرى مراقبون أن أي محاولة لفرض انتخابات دون توافق حقيقي قد تؤدي إلى تجدد النزاعات بدلاً من إنهائها.
رغم الجهود الواضحة التي تبذلها خوري، يبقى التساؤل مطروحًا: هل تستطيع القائم بالأعمال أن تقدم مسارًا جديدًا يختلف عن سابقاتها؟ أم أن إحاطتها ستكون مجرد تكرار لخطوات فشلت في الماضي؟
بين تفاؤل حذر وتشاؤم مبرر، يترقب الليبيون ما ستقدمه ستيفاني خوري في مجلس الأمن. فهل تكون هذه الإحاطة بداية لانفراجة طال انتظارها؟ أم أنها محطة جديدة في مسار طويل من الجمود والإحباط؟