خطاب الدبيبة.. عراقيل في طريق المبادرة الأممية
يبدو أن خطاب عبد الحميد الدبيبة الأخير، الذي أعلن فيه تمسكه بالبقاء في السلطة ورفضه للتنازل تحت ضغط الأمم المتحدة، أثار موجة انتقادات حادة في الأوساط السياسية الليبية. من بين الأصوات المنتقدة، برز عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي، الذي وصف تصريحات الدبيبة بأنها تمثل تحديًا صارخًا لمبادرة الأمم المتحدة، وتحديدًا جهود المستشارة ستيفاني خوري، لإطلاق حوار سياسي موسع يهدف إلى تحقيق الاستقرار وإجراء الانتخابات.
العرفي، اعتبر في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24″، أن الخطاب الأخير يعكس تمسكًا من حكومة الدبيبة بالسلطة بأي ثمن، حتى لو جاء ذلك على حساب معاناة الليبيين الممتدة منذ أكثر من عقد. وقال العرفي: “لقد شاهدنا هذا المشهد مرارًا، حيث تتكرر نفس التصريحات والمواقف، لكن دون أي تحرك فعلي على الأرض. القوى الفاعلة هي التي تتحكم في المشهد، وليس الخطابات الرنانة.”
خطاب الدبيبة.. عراقيل في طريق المبادرة الأممية
من بين النقاط التي أثارت الجدل في خطاب الدبيبة، تصريحه الصريح بأن حكومته “لن تسلم السلطة بأي وسيلة أو تحت ضغط الأمم المتحدة.” هذه الكلمات، وفقًا للعرفي، تعكس عدم التزام الدبيبة بأي حلول توافقية أو خطوات لإطلاق عملية سياسية شاملة. وأكد العرفي أن هذه التصريحات لا تمثل فقط تحديًا للبعثة الأممية، بل أيضًا لآمال الليبيين الذين ينتظرون حلًا ينهي الانقسام السياسي.
البعثة الأممية، التي تسعى منذ سنوات لتجاوز الأزمة الليبية، أطلقت مؤخرًا مبادرة تهدف إلى تنظيم حوار سياسي موسع يشارك فيه خبراء ليبيون، إضافة إلى ممثلين عن الأحزاب، والشباب، والنساء، والمكونات الثقافية. المبادرة تسعى إلى وضع أطر واضحة للحوكمة، وتحديد المحطات الرئيسية التي تقود إلى انتخابات شفافة. لكن تصريحات الدبيبة تأتي كحجر عثرة أمام هذه الجهود.
الدور الأممي بين التحديات والفرص
تتمثل رؤية البعثة الأممية في الدفع باتجاه إصلاحات اقتصادية وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، بهدف تحقيق مصالحة شاملة. لكن العرفي يرى أن هذه الحوارات سبق وأن عُقدت دون تحقيق نتائج ملموسة، لأن القوى الفاعلة على الأرض تظل هي صاحبة القرار. وأضاف: “لا يمكن تحقيق أي تغيير حقيقي ما لم يكن هناك توافق داخلي وإرادة وطنية حقيقية.”
نقد صريح لحكومة الدبيبة
الانتقادات التي وجهها العرفي لم تتوقف عند تصريحات الدبيبة فقط، بل شملت أداء حكومته بشكل عام. فقد وصف العرفي حكومة الوحدة الوطنية بأنها تفتقر إلى رؤية واضحة لإدارة الأزمة. وأضاف: “بدلًا من التركيز على الاستجابة لاحتياجات المواطنين وتحقيق الإصلاحات، نجدها منشغلة بالصراعات السياسية والحفاظ على السلطة.”
ماذا بعد؟
في ظل هذا المشهد المتأزم، يبقى السؤال حول ما إذا كانت المبادرة الأممية ستتمكن من تجاوز هذه العقبات، أم أن ليبيا ستظل عالقة في دوامة الانقسامات والصراعات. العرفي يرى أن الحل لا يمكن أن يأتي من الخارج فقط، بل يتطلب إرادة ليبية حقيقية وتخليًا عن المصالح الضيقة.
ختامًا، يبقى الأمل معلقًا على قدرة الليبيين على استعادة زمام المبادرة، بعيدًا عن التصريحات والخطابات التي تفتقر إلى الفعل.