أكد المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية في تقرير له نشر في فبراير (شباط) الماضي وجود “عمليات تهريب وقود وسلاح واسعة جرت عبر ليبيا ودول أخرى إلى قوات الدعم السريع في السودان”، موضحاً أن “مجموعة ‘فاغنر’ سابقاً والمعروفة حالياً بالفيلق الأفريقي – الروسي نقلت منذ أبريل (نيسان) 2023 منظومات الدفاع الجوي المحمولة والذخيرة إلى قوات الدعم السريع من ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد”.
ولفت المعهد إلى أن “حفتر زوّد هذه القوات بالوقود والأسلحة عبر القواعد الجوية والبرية، وبخاصة قاعدة الويغ قرب الحدود مع تشاد والنيجر، حيث تقود كتائب عدة بالتعاون مع ‘فاغنر’ نقل الوقود والمعدات الطبية واللوجستية”، وهي عناصر وصفها المتخصص في الشأن العسكري العقيد عادل عبدالكافي بأنها كافية لتنسحب العقوبات الأميركية بدورها على قائد قوات الشرق الليبي خليفة حفتر وبقية حلفاء حميدتي الذين ثبتت تورطهم في دعم الأخير بالأسلحة والمرتزقة إلى دول الساحل والصحراء الأفريقية.
وقال في تصريحات لجريدة “اندبندنت عربية” إن العقوبات الأميركية على قائد “الدعم السريع” وسبع شركات تابعة له بالتأكيد ستحد من قدرته القتالية بسبب عدم وصول الإمدادات العسكرية لقواته، لأن هذه الشركات عبارة عن أذرع له دورها المتمثل في ضمان جلب المعدات العسكرية بالتنسيق مع عدد من الدول على غرار روسيا وغيرها.
واعتبر عبدالكافي أن تداعيات سقوط نظام الأسد في سوريا بدأت تلقي بظلالها على “حميدتي” وستشمل في القريب العاجل حليفه حفتر، باعتبار أنه خلال فترة حكم رئيس النظام السوري السابق كانت دمشق قاعدة انطلاق للرحلات الجوية المحملة بالأسلحة والذخائر والمرتزقة نحو المنطقة الشرقية حيث تتمركز قواعد حفتر، ليجري الدفع بها خلال مرحلة لاحقة إلى القواعد الجنوبية في ليبيا التي توجد بها قوات الفيلق الأفريقي – الروسي الذي يؤمن مرور جزء من هذه المعدات العسكرية نحو “الدعم السريع” التي يقودها “حميدتي”.
وأوضح لـ “اندبندنت عربية” أن “سقوط الحليف السوري وملاحقة حميدتي سيقزمان معسكر الرجمة”، متوقعاً انهيار حفتر على خطى حميدتي نتيجة الضغط الغربي على هذه الأطراف عبر منع وصول الإمدادات إليها، بخاصة بعد زيادة النفوذ الروسي في ليبيا، مؤكداً أن العمل جار حالياً من قبل موسكو لتجهيز قاعدة جوية – برية لديها إطلالة على البحر الأبيض المتوسط في منطقة قيمينس الواقعة على بعد نحو 60 كيلومتراً من بنغازي.
وقال إن “خطورة روسيا تكمن في استقلالية غرفة عمليات مرتزقة الفيلق الأفريقي – الروسي نهائياً عن معسكر الرجمة، إذ أصبحوا يديرون عملياتهم منفصلين عن حفتر سواء بتحركاتهم داخل الأراضي الليبية أو بنقل عتادهم وأسلحتهم من القواعد الليبية إلى دول الساحل والصحراء الأفريقية، وهو أمر لن تقبل به الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية التي تتمركز قواتها ممثلة في الـ ‘ناتو’ عبر الجهة الجنوبية للمتوسط”.
ونوه المتخصص في الشأن العسكري إلى أنه لو استمر معسكر الرجمة في إرسال الأسلحة إلى “الدعم السريع” فإنه سيوضع مباشرة على قائمة الملاحقة والعقوبات الأميركية كما وضع حليفه “حميدتي”، متوقعاً انتهاء دور قائد معسكر الرجمة بعد أن توغلت روسيا عبر ذراعها العسكري داخل ليبيا.
وحول إمكان فرض عقوبات أميركية على حفتر والزيارات المتكررة للمسؤولين الأميركيين إلى معسكر الرجمة، أوضح عبدالكافي أن “هذا التواصل هدفه وضع حفتر تحت عيون الإدارة الأميركية، وذلك جلي من خلال حرصها على مشاركته قطعاً خلال مناورات بحرية جرت في تونس برعاية القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، كما عملت على تجهيز قوة مشتركة بين الشرق والغرب والجنوب لحماية الحدود الجنوبية الليبية، غير أن هذا المسار يأتي في الواقع لقطع الطريق على مرتزقة الفيلق الأفريقي – الروسي لمنع وصول إمدادات الأسلحة والمرتزقة إلى دول الساحل والصحراء الأفريقية، وليس لحماية الحدود الجنوبية الليبية”.
ووصف المتخصص في الشأن العسكري تنفيذ مشروع بناء قوة مشتركة بين الشرق والغرب والجنوب لحماية الحدود الجنوبية الليبية بالصعب، “لأن الولايات المتحدة لن تدخل في مواجهات مباشرة مع روسيا في الوقت الحالي لأنها تسعى إلى تجاوز نقطة الصدام مع روسيا على الأراضي الليبية مباشرة من خلال الاستحواذ على معسكر الرجمة لخليفة حفتر، بل تحاول دمج حفتر مع قوات الغرب الليبي الممثلة في قوات رئاسة الأركان في طرابلس لقطع الطريق على مرتزقة الفيلق الأفريقي – الروسي في التنقل من الأراضي الليبية إلى دول الجوار”.
وقال إن “واشنطن لديها كل الدلائل لفرض عقوبات على حفتر وأهمها تقارير ‘أفريكوم’ حول حجم الأسلحة التي كانت تصل إلى شرق ليبيا ثم تنقل عبر مطار الكفرة إلى حميدتي الذي مُنع من الوصول إليها، مما دفع حفتر إلى عقد اتفاق مع رئيس التشاد محمد ديبي حتى يسهل مرور الأسلحة عبر أراضيه إلى حميدتي”.