ليبيا الان

تحرير 263 مهاجرًا من قبضة عصابات التهريب في أجخرة

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في قلب الصحراء، حيث تختفي الشمس خلف سحب الغبار، وتتلاشى الآمال تحت وطأة القسوة، كانت هناك استراحة مهجورة تبدو من الخارج كأي مبنى عادي. لكن داخلها، كان الجحيم يعيش ويتنفس. هنا، في بلدية أجخرة، تحولت هذه الاستراحة إلى سجنٍ غير مرئي، حيث احتُجز 263 مهاجرًا غير شرعي، قادمين من دول أفريقية تعاني من الحروب والفقر، مثل إريتريا والصومال وإثيوبيا.

كانت المعلومات الأولى التي وصلت إلى جهاز البحث الجنائي في الواحات أشبه بصرخة استغاثة خافتة. معلومة مصدرية تفيد بوجود مخزن يُحتجز فيه مهاجرون في ظروف غير إنسانية. لم تكن مجرد معلومات عابرة، بل كانت بداية كشف النقاب عن فظائع تُرتكب في صمت.

بعد أيام من التحري والرصد، تحركت عناصر الجهاز بسرعة وحسم. كانت المداهمة أشبه بعاصفة هادئة، حيث تم القبض على شخصين من عناصر العصابة، أحدهما مالك الاستراحة التي تحولت إلى سجن. ما كُشف داخل تلك الجدران كان صادمًا: عشرات المهاجرين يعانون من سوء التغذية، وآثار التعذيب واضحة على أجسادهم، ونساء تعرضن للاغتصاب بشكل مستمر.

ووفقًا لروايات الناجين، كان أحد المهاجرين قد لفظ أنفاسه الأخيرة قبل أيام من المداهمة، بسبب سوء التغذية والإهمال. كانت هذه الاستراحة ليست مجرد مكان احتجاز، بل كانت سوقًا للبشر، حيث يتم الاتجار بالبشر كسلعة رخيصة.

كشف وليد العرفي، مسؤول مكتب الإعلام بجهاز البحث الجنائي، في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” أن العصابة كانت تفرض فديات باهظة على أسر الضحايا. 17 ألف دولار مقابل إطلاق سراح كل صومالي، و10 آلاف دولار لكل إريتري. كانت هذه الأموال تُدفع مقابل الحرية، لكنها أيضًا كانت تُدفع مقابل إنهاء معاناة لا تُحتمل.

العصابة لم تكن تعمل بشكل عشوائي، بل كانت منظمة بشكل محترف. يتم اختطاف الضحايا على فترات، ونقلهم إلى هذه الاستراحة، حيث يتم احتجازهم لشهور، بلغت في بعض الحالات ثمانية أشهر. خلال هذه الفترة، كان التعذيب هو اللغة الوحيدة التي يتحدث بها الخاطفون.

وراء كل رقم، هناك قصة إنسانية مؤلمة. هناك نساء تعرضن للاغتصاب بشكل متكرر، وأطفالٌ لم يعرفوا طعم الحرية منذ أشهر، ورجالٌ تحولوا إلى هياكل عظمية بسبب سوء التغذية. 25 من هؤلاء المهاجرين تم نقلهم إلى المستشفى بسبب حالتهم الصحية الحرجة، بينما بدأت التحقيقات مع عنصري العصابة المقبوض عليهما.

تم إحالة المتهمين إلى نيابة جالو الابتدائية، التي أمرت بحبسهما بعد أن ثبت تورطهما في تشكيل عصابة متخصصة في الاتجار بالبشر. لكن القصة لم تنته هنا، فالبحث جارٍ عن باقي أفراد العصابة الذين ما زالوا طلقاء.

هذه الحادثة ليست مجرد جريمة عابرة، بل هي صورة مصغرة لأزمة إنسانية أكبر تعيشها ليبيا، التي أصبحت نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الأفارقة الذين يحلمون بحياة أفضل في أوروبا. لكن بالنسبة للكثيرين، تحولت هذه الرحلة إلى كابوس لا نهاية له.

في النهاية، تظل هذه الحادثة تذكيرًا صارخًا بضرورة مواجهة الاتجار بالبشر بكل قوة. إنها ليست مجرد قضية أمنية، بل قضية إنسانية تمس كرامة الإنسان وحقه في الحياة بسلام. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كم من هذه السجون غير المرئية ما زالت تعمل في صمت؟ وكم من الضحايا ما زالوا ينتظرون من ينقذهم من براثن هذا الجحيم؟

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24