ليبيا الان

رفع التجميد عن أموال ليبيا.. فرصة اقتصادية أم فخ

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

لطالما مثلت الأموال المجمدة في الخارج معضلة اقتصادية وسياسية لـ ليبيا، فهي في نظر البعض كنز استثماري قادر على انتشال البلاد من أزماتها، وفي نظر آخرين، لعنة تهدد بإغراق الاقتصاد في مستنقع الفساد والعبث السياسي. جاء قرار مجلس الأمن الدولي بالسماح للمؤسسة الليبية للاستثمار بإدارة بعض هذه الأصول ليكشف عن صراع معقد بين الأمل في الاستفادة من هذه الأموال والمخاوف من سوء إدارتها.

منذ أكثر من عقد، تم تجميد أصول المؤسسة الليبية للاستثمار، والتي تُقدَّر بنحو 70 مليار دولار، كإجراء احترازي لمنع استغلالها في الفساد أو تمويل الصراعات. والآن، وبعد صدور قرار يسمح بإدارتها ضمن رقابة دولية، انقسمت الآراء بين مرحّب يرى فيها متنفسًا اقتصاديًا ضروريًا، ومتشائم يخشى أن تتحول هذه الأموال إلى وقود جديد للصراعات السياسية.

يؤكد الدكتور إلياس الباروني، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة نالوت، أن القرار لا يعني رفع التجميد بالكامل، بل هو تفويض محدود للمؤسسة بإدارة الأموال ضمن رقابة مشددة. ويشير الباروني في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24”، إلى أن هذه الرقابة تهدف إلى منع توجيه هذه الأصول نحو أغراض مشبوهة، مثل دعم الميليشيات أو تمويل عمليات مشبوهة في السوق السوداء، خصوصًا فيما يتعلق بتهريب النفط.

المؤسسة الليبية للاستثمار، رغم امتلاكها لهذه الأصول الضخمة، تواجه تحديات كبيرة تتعلق بالكفاءة والقدرة على إدارة هذه الأموال بطريقة شفافة. الباحث الاقتصادي، أبو بكر الطور، يرى أن المخاوف من الفساد وسوء الإدارة قائمة، ويؤكد أن الأداء السابق للمؤسسة لا يمنح ثقة كافية في قدرتها على حماية الأصول من الهدر أو الاستغلال السياسي.

ويشير الطور في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24”، إلى أن الأموال التي ستخضع للإدارة المباشرة تشمل السندات وأذونات الخزانة طويلة الأجل وبعض الأصول السائلة وشبه السائلة، والتي تصل قيمتها إلى 10 مليارات دولار، بإيرادات سنوية يجب ألا تقل عن 400 مليون دولار. لكن يظل السؤال، هل تمتلك المؤسسة الأدوات والخبرات الكافية لتحقيق أقصى استفادة من هذه الأموال دون انحرافها عن مسارها الصحيح؟

إذا كان التفاؤل بعودة الأصول إلى الدورة الاقتصادية الليبية مشروعًا، فإن المخاوف من الفساد ليست أقل وجاهة. فليبيا تعاني من بيئة اقتصادية مضطربة، حيث تسيطر شبكات مصالح متداخلة بين رجال الأعمال والسياسيين، وهو ما يجعل أي تدفق مالي جديد عرضة للاختراق والاستغلال.

ورغم أن مجلس الأمن أبقى على آلية رقابية لضمان استخدام الأموال في الاستثمار المشروع، إلا أن التجارب السابقة تظهر أن الرقابة الدولية ليست دائمًا كافية لمنع التلاعب بالأموال. فالتحدي الحقيقي يكمن في مدى قدرة السلطات الليبية على فرض معايير الشفافية والمحاسبة.

تعاني الحكومات في ليبيا من عجز متزايد في الموازنة، خصوصًا مع انخفاض أسعار النفط، المصدر الأساسي للدخل. ومن هنا، يُطرح تساؤل جوهري: هل يمكن أن تسهم الأموال المجمدة في دعم الاقتصاد، أم أن استخدامها سيكون مجرد حل مؤقت لن يعالج أزمات هيكلية أعمق؟

الخبير الاقتصادي الدكتور فؤاد الحمادي يرى أن هذه الأموال، إن أُحسن استخدامها، قد توفر دفعة قوية للاستثمارات في البنية التحتية ومشروعات التنمية، لكنها في الوقت ذاته قد تكون مصدرًا جديدًا للأزمات إن لم تُحسن إدارتها.

لا يمكن إنكار أن السماح لليبيا بالتصرف في أموالها خطوة إيجابية، لكنها لن تكون كافية إذا لم تُواكبها إصلاحات اقتصادية جذرية تعزز الشفافية وتحسن بيئة الاستثمار. فالأموال وحدها لا تصنع اقتصادًا قويًا، بل تحتاج إلى إدارة حكيمة، وبيئة قانونية تحميها من النهب والهدر.

تبقى الأسئلة معلقة: هل ستكون المؤسسة الليبية للاستثمار قادرة على الاستفادة من هذه الأصول بطريقة سليمة؟ وهل ستنجح الرقابة الدولية في منع الفساد؟ أم أن هذه الأموال ستتحول إلى معركة جديدة بين أطراف الصراع في ليبيا؟

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24