ليبيا الان

لقاء المنفي وتيتيه.. آفاق جديدة للعملية السياسية الليبية

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في مشهد يعكس تعقيدات المشهد في ليبيا وآماله، استقبل رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، المبعوثة الخاصة الجديدة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، ” حنا سيروا تيتيه“، بمقر المجلس مساء السبت، وسط حضور نائبيها ستيفاني خوري وأنيس تشوما، والوفد المرافق. اللقاء لم يكن بروتوكولياً فحسب، بل حمل في طياته إشارات سياسية عميقة حول مستقبل ليبيا الغارق في الانقسامات.

افتتح المنفي اللقاء بكلمات ترحيب دافئة، عبّر فيها عن تطلعه لاستمرار التعاون مع بعثة الأمم المتحدة، مشدداً على أهمية الدور الأممي في دعم ليبيا لتخطي المرحلة الراهنة. لم تكن هذه مجرد مجاملات دبلوماسية، بل محاولة واضحة لتأكيد التزام المجلس الرئاسي بالعملية السياسية الأممية رغم التحديات.

في صلب النقاش، طرح المنفي رؤيته لكسر حالة الانسداد السياسي التي تعيشها ليبيا. تحدث بنبرة الواثق عن أهمية “الملكية الليبية للعملية السياسية”، مذكراً أن أي حل دائم يجب أن ينبع من الداخل الليبي، لا أن يُفرض من الخارج. شدد على أن التوافق الوطني هو المفتاح، ودعا جميع الأطراف للانخراط في حوار صادق يهدف لتحقيق تطلعات الشعب الليبي.

من جانبها، استمعت حنا تيتيه بعناية لمداخلات المنفي، محاولة استيعاب تعقيدات المشهد السياسي الليبي. عبّرت عن التزام الأمم المتحدة بمواصلة جهودها لدعم الليبيين في سعيهم نحو الاستقرار، مؤكدة أن بعثتها ستركّز على تسهيل الحوار بين الفرقاء والعمل على تهيئة بيئة مناسبة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.

نقطة محورية أخرى في اللقاء تمثلت في مناقشة سبل الوصول إلى الانتخابات العامة. اتفق الجانبان على أن هذه الانتخابات يجب أن تكون تتويجاً لمسار سياسي شامل يعكس إرادة الليبيين. المنفي شدد على أن مسألة “بناء الدولة” يجب أن تحتل الأولوية، إذ لا يمكن تنظيم انتخابات حقيقية في ظل مؤسسات ضعيفة ومنقسمة.

في جانب آخر من الحوار، ناقش الطرفان مسألة التدخلات الخارجية وتأثيرها السلبي على الاستقرار الليبي. المنفي لم يتردد في الإشارة إلى أطراف إقليمية ودولية تساهم في تعقيد الأزمة عبر دعم أطراف متنازعة. دعا إلى تعاون أوثق مع الاتحاد الإفريقي والشركاء الإقليميين لوقف هذه التدخلات وتهيئة بيئة أكثر استقراراً للعملية السياسية.

تدرك حنا تيتيه أن مهمتها الجديدة لن تكون سهلة. الملف الليبي محاط بشبكة معقدة من المصالح الدولية والانقسامات الداخلية. لكن اللقاء مع المنفي حمل إشارات إيجابية، أبرزها الرغبة الليبية في قيادة دفة العملية السياسية بنفسها، وهو ما يتطلب دعماً دولياً متوازناً بعيداً عن الاصطفافات.

على الرغم من نبرة التفاؤل التي سادت اللقاء، تبقى الأسئلة الجوهرية مطروحة: هل تستطيع الأمم المتحدة تحت قيادة تيتيه كسر الجمود السياسي؟ وهل سيتمكن المجلس الرئاسي من جمع الأطراف الليبية المتناحرة حول طاولة واحدة؟

ما هو واضح حتى الآن هو وجود إرادة، ولو خجولة، للبحث عن حلول ليبية خالصة. لكن هذه الإرادة وحدها لا تكفي، بل تحتاج إلى بيئة سياسية ملائمة ودعم دولي صادق يضع مصلحة ليبيا فوق الحسابات الضيقة.

اللقاء بين المنفي وتيتيه ليس سوى بداية لمسار طويل ومعقد. لكنه يعكس إدراكاً متزايداً لدى الفاعلين الليبيين والدوليين بأن استمرار الوضع الراهن لم يعد مقبولاً. ليبيا اليوم تقف عند مفترق طرق: إما أن تختار طريق التوافق والبناء، أو أن تستمر في دوامة الانقسام والتدهور.

في نهاية المطاف، يظل مصير ليبيا رهناً بإرادة شعبها وقدرته على تجاوز الخلافات، بمساعدة دولية مخلصة لا تفرض حلولاً بل تدعم المسار الوطني نحو الاستقرار والديمقراطية.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24