ليبيا الان

المرعاش: الدبيبة فقد السيطرة.. حكومته غارقة بالعشوائية والتخبط

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

لطالما قيل إن الحكم ليس مجرد كرسي يُشغل، بل هو فن إدارة الأزمات، وميزان يُضبط بحكمة بين الحزم والمرونة. ولكن، حين تتحول الدولة إلى مسرح مفتوح للفوضى، وتصبح الحكومة عاجزة عن ضبط إيقاع وزرائها، فإن الحديث عن إدارة حقيقية يصبح محض ترف فكري. هذا هو الحال الذي يرسمه المحلل السياسي كامل المرعاش في وصفه لأداء حكومة عبد الحميد الدبيبة، منتهية الولاية ، التي غرقت في بحر من التخبط والعشوائية، وباتت عاجزة حتى عن التعامل مع كارثة بحجم حرائق الأصابعة.

حينما يتحدث وزير التعليم العالي عن كارثة الحرائق بدلًا من وزير الداخلية أو الدفاع، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو غياب التنسيق المؤسساتي. ليس الأمر مجرد زلة لسان، بل انعكاس صارخ لحالة من الارتباك داخل أروقة السلطة، حيث لا يخضع الوزراء لسلطة موحدة، بل يتحركون وفق حسابات شخصية، ولاءاتهم تتقاطع مع مصالح الفاعلين الحقيقيين في المشهد الليبي: القبائل، الميليشيات، وأصحاب النفوذ.

كامل المرعاش، في تصريحات  تلفزيونية تابعتها “أخبار ليبيا 24“ لا يخفي استغرابه من هذا المشهد الهجين، حيث يتم اختيار الوزراء وفق معادلة المحاصصة القبلية، بدلًا من الكفاءة والجدارة. الحكومة، برأيه، ليست أكثر من كيان مشوّه، تُوزع فيه المناصب كغنائم حرب، في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية لإصلاح مؤسسات الدولة.

لا شيء يعكس ضعف الدولة أكثر من تضارب التصريحات بين مسؤوليها. وزير يتحدث عن أزمة لا تعنيه، ومسؤول آخر يطلق وعودًا دون آليات تنفيذ، والنتيجة؟ مشهد عبثي لا يزيد الوضع إلا احتقانًا. المرعاش يرى أن هذه الحالة ليست مجرد مصادفة، بل هي نتيجة طبيعية لحكومة تفتقر إلى القيادة الرشيدة، حيث يقتصر دور رئيسها على إدارة المشهد من الناحية الشكلية فقط، بينما تظل مفاتيح القرار الحقيقي بيد مراكز القوى التي تحرك المشهد من وراء الستار.

إن غياب الانسجام بين أعضاء الحكومة ليس إلا انعكاسًا لمشكلة أعمق، تتعلق بانعدام الرؤية الاستراتيجية. فلا خطة اقتصادية واضحة، ولا سياسات أمنية فعالة، بل مجرد قرارات ارتجالية لا تصمد أمام أول اختبار جدي.

حين اندلعت حرائق الأصابعة، كان المواطن الليبي ينتظر استجابة حكومية على مستوى الحدث، لكنه وجد نفسه أمام تصريحات مثيرة للدهشة، تتحدث عن “الجن” كفاعل رئيسي في الكارثة. كيف يمكن لحكومة يُفترض بها أن تقود البلاد في مرحلة حرجة، أن تتعامل مع كارثة طبيعية بعقلية الخرافة؟

هذا الطرح، الذي تصفه أصوات سياسية بـ”العبثي”، يعكس برأي المرعاش عمق الأزمة داخل حكومة الدبيبة. فبدلًا من البحث عن حلول علمية واستراتيجيات للحد من المخاطر البيئية، لجأت الحكومة إلى تبريرات غير عقلانية، تُزيد من حالة الإحباط الشعبي، وتُكرّس صورة السلطة العاجزة عن إدارة شؤون البلاد.

إن الحديث عن الفوضى داخل الحكومة لا يمكن فصله عن المشهد السياسي العام في ليبيا. فحكومة الدبيبة، التي جاءت في ظروف استثنائية، لم تنجح في فرض سلطتها، بل تحولت إلى كيان هشّ تتحكم فيه شبكات المصالح. لم تعد الدولة هي الفاعل الرئيسي، بل أصبحت الميليشيات، وشركات المصالح، والقوى الخارجية، هي التي تحدد مسار الأمور.

وفي ظل هذا الواقع، تصبح العشوائية أمرًا حتميًا. فكيف لحكومة لا تملك سلطة حقيقية أن تفرض الانضباط بين وزرائها؟ وكيف يمكن لها أن تقدم حلولًا ناجعة وهي رهينة توازنات هشة؟

رغم كل هذا، لا يمكن القول إن المشهد الليبي محكوم عليه بالاستمرار في دوامة الفوضى. الإصلاح، وإن بدا صعب المنال، يظل ممكنًا إذا ما توافرت الإرادة السياسية الحقيقية. لكن ذلك يتطلب تجاوز منطق الترضيات القبلية، وتأسيس دولة المؤسسات، حيث يكون المعيار الأساسي هو الكفاءة، لا الولاءات.

حكومة الدبيبة، وفق تحليل المرعاش، تقف أمام اختبار تاريخي: إما أن تتدارك أخطاءها وتعيد ترتيب أولوياتها، أو أن تظل أسيرة للعشوائية والتخبط، حتى تجد نفسها في مهب الريح، غير مأسوف عليها.

في النهاية، لا يمكن لأي حكومة أن تستمر طويلاً إذا فقدت ثقة شعبها. وإذا كان الدبيبة لا يزال يطمح إلى البقاء في المشهد السياسي، فإن عليه أن يدرك أن الإدارة ليست مجرد شعارات، بل هي مسؤولية تتطلب رؤية واضحة، وإرادة حقيقية للإصلاح، قبل أن يفوت الأوان.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24