ليبيا الان

خطط إستراتيجية لتعزيز حقوق المرأة والطفل في ليبيا

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في قلب المشهد الليبي المتغير، حيث تُخاض معارك السياسة والاقتصاد، تبقى قضايا المرأة والطفل واحدة من أبرز الملفات التي تتطلب اهتمامًا استثنائيًا. في ظل هذه التحديات، تبرز إدارة شؤون المرأة والطفل التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية كلاعب أساسي في معادلة التغيير، حيث تسعى لترسيخ مفاهيم التمكين والحماية من خلال خطط استراتيجية وبرامج ميدانية تهدف إلى إحداث فرق ملموس في حياة المرأة الليبية والطفل الليبي.

منذ سنوات، لم تعد مسألة مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية مجرد ترف، بل باتت ضرورة تفرضها معطيات الواقع الليبي. تؤكد عائشة البرغثي، مديرة إدارة شؤون المرأة والطفل، أن الإدارة تعمل وفق رؤية واضحة تستهدف تعزيز دور المرأة في مختلف القطاعات، وذلك عبر سلسلة من المبادرات التي تتنوع بين التدريب المهني، دعم المشاريع الصغيرة، والتأهيل القيادي.

غير أن هذه الجهود تصطدم بعقبات عدة، أبرزها نقص التمويل وغياب الدعم المؤسسي الكافي. ففي الوقت الذي تُطرح فيه خطط طموحة لتوسيع نطاق مشاركة المرأة، لا تزال الكثير من المشاريع تنتظر التمويل اللازم لتنفيذها. ومع ذلك، تعتمد الإدارة على بناء شراكات مع منظمات محلية ودولية لتأمين الموارد الضرورية، في محاولة لسد الفجوة بين الرؤية والتنفيذ.

بعيدًا عن قضايا المرأة، تضع الإدارة على عاتقها مسؤولية كبرى لحماية الأطفال من المخاطر التي تحيط بهم، بدءًا من العنف الأسري وصولًا إلى الاستغلال الاقتصادي ونقص الخدمات الصحية والتعليمية. وتشير البرغثي إلى أن هناك جهودًا حثيثة تُبذل لإنشاء مراكز متخصصة تقدم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتضررين، إضافة إلى إطلاق حملات توعية لمناهضة العنف ضد الأطفال، بما في ذلك تفعيل خط ساخن للإبلاغ عن الانتهاكات.

في هذا السياق، لا تخفي البرغثي قلقها حيال تفاقم بعض الظواهر الخطيرة، مثل عمالة الأطفال وزواج القاصرات، مؤكدة أن التصدي لهذه التحديات يستدعي تعاونًا واسع النطاق بين الدولة، المؤسسات الحقوقية، والمجتمع المدني. كما تشير إلى أن الإدارة تتعاون مع جهات دولية لضمان امتثال ليبيا للمواثيق الحقوقية التي تكفل حماية الطفل، وهو ما يعكس رغبة حقيقية في تحسين الأوضاع رغم التحديات.

ترى البرغثي أن الإعلام والمجتمع المدني يشكلان ركيزتين أساسيتين في مساعي الإدارة لدعم قضايا المرأة والطفل. إذ تؤكد أن نشر الوعي المجتمعي يمثل الخطوة الأولى نحو التغيير المستدام، وهو ما يتطلب دورًا أكثر فاعلية من وسائل الإعلام في تسليط الضوء على الانتهاكات، وتعزيز ثقافة الحقوق والواجبات.

أما المجتمع المدني، فترى البرغثي أنه ينبغي أن يكون شريكًا حقيقيًا في وضع السياسات وتنفيذها، لا مجرد جهة رقابية. فمن خلال المبادرات التطوعية، والضغط المجتمعي، يمكن خلق بيئة أكثر ملاءمة لتحقيق الأهداف المرجوة، سواء فيما يتعلق بتمكين المرأة أو حماية الطفل.

رغم كل التحديات، تبقى الإدارة ماضية في رسم خطط طموحة للمستقبل. وفقًا للبرغثي، يجري العمل حاليًا على إعداد مشاريع جديدة، تشمل إطلاق برامج تعليمية متخصصة للأطفال، وتنفيذ مبادرات لتمكين المرأة في مراكز القيادة، بالإضافة إلى تطوير حملات إعلامية شاملة تستهدف تغيير المفاهيم الخاطئة حول أدوار المرأة والطفل في المجتمع.

ومع استمرار المساعي لتعزيز هذه الجهود، يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع هذه المبادرات إحداث تحول جذري في واقع المرأة والطفل في ليبيا؟ الإجابة تكمن في مدى تضافر الجهود بين الجهات الرسمية، منظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، لضمان أن تكون هذه الخطط أكثر من مجرد وعود على الورق.

في حديثها، وجهت البرغثي رسالة واضحة إلى المرأة الليبية وأولياء الأمور، مؤكدة أن دعم حقوق المرأة والطفل ليس مجرد خيار، بل مسؤولية جماعية تقع على عاتق الجميع. فبناء مجتمع أكثر عدالة لا يمكن أن يتم إلا بتكاتف الجهود، وكسر الحواجز التي تعيق التقدم.

وفي نهاية المطاف، تظل قضايا المرأة والطفل اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة ليبيا على تحقيق التغيير الاجتماعي المنشود، حيث لا تكفي المبادرات وحدها، بل يتطلب الأمر إرادة سياسية، ووعيًا مجتمعيًا، وإصرارًا على جعل المستقبل أكثر إنصافًا وكرامة للأجيال القادمة.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24