ليبيا الان

الأسواق تحترق.. من يطفئ نار الأسعار؟

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في الأسواق يمر المواطن بين رفوف البضائع وقد اعتاد على لعبة الأرقام المتغيرة يوميًا، كأن الأسعار تتقافز أمامه بلا استئذان. نظراته الحائرة تنطلق من كيس الأرز إلى عبوة الحليب، متسائلًا: “هل أخطأت الحساب، أم أن الأسعار ارتفعت مجددًا؟”

المفارقة الكبرى أن المصرف المركزي ضخّ مليارات الدولارات في صورة اعتمادات مستندية لتسهيل الاستيراد، ورغم ذلك، لا تزال الأسعار تحلق عاليًا كأنها طير جشع لا يشبع! فكيف يمكن تفسير هذا التناقض العجيب؟

أعلن  مصرف ليبيا المركزي عن تغطيته لكافة الاعتمادات المستندية التي وصلت إليه بين نوفمبر 2024 وفبراير 2025، بقيمة 6.5 مليار دولار، بهدف توفير السلع الأساسية. ومع ذلك، لم تهبط الأسعار كما كان متوقعًا، بل واصلت صعودها الجنوني، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، حيث يقف الليبيون في مواجهة نيران التضخم دون درع يحميهم.

في الأسواق، بلغ سعر كيلو اللحم المحلي 85 دينارًا، والبقري 60 دينارًا، بينما قفزت أسعار الحليب إلى أرقام غير مسبوقة، بين 6 و9 دنانير للتر الواحد، وكأن المشهد يعيد نفسه في كل موسم، حيث ترتفع الأسعار بلا هوادة، وكأن هناك من يقرر أن هذا الشهر يجب أن يكون موسمًا لنهب جيوب المواطنين.

في قلب هذه الدوامة، يبرز مصطلح “الاحتكار” كالمتهم الأول، حيث يؤكد الخبير الاقتصادي أحمد المبروك أن الأزمة ليست في نقص السلع، بل في احتكار قلة من التجار والمستوردين لها، مما يخلق أزمة مصطنعة ويضرب بمبدأ العرض والطلب عرض الحائط.

يقول المبروك:
“الأسواق ليست فارغة، لكن هناك تجارًا يتحكمون في توزيع السلع، فيقررون متى ترتفع الأسعار، ومتى تنخفض، وكأنهم يلعبون بالاقتصاد كأحجار الشطرنج، بينما المواطن هو الضحية التي تسقط في النهاية.”

ومما يزيد الطين بلة، هو ضعف الرقابة الحكومية، حيث يرى كثيرون أن الجهات المختصة لا تحرك ساكنًا أمام جشع التجار، مما يسمح لهم بمواصلة التحكم في الأسعار بلا رادع.

يقول أحد المواطنين:
“من يراقب السوق؟ لا أحد! التجار يتلاعبون بالأسعار كما يحلو لهم، بينما نسمع فقط عن قوانين لا تُطبق، ووعود لا تتحقق!”

وإلى جانب الاحتكار وغياب الرقابة، تلقي الأزمة السياسية بظلالها الثقيلة على المشهد الاقتصادي. فوجود حكومتين متنافستين يجعل اتخاذ قرارات اقتصادية موحدة شبه مستحيل، مما يعمّق حالة الركود والتخبط.

يؤكد الخبراء أن الانقسام السياسي يمنع تنفيذ إصلاحات حقيقية، حيث يغيب التنسيق بين الجهات المختصة، فتتحول كل محاولة للإنقاذ إلى مجرد مسكّنات وقتية، دون حلول جذرية تنعكس على حياة المواطن.

تقول إحدى المواطنات بغضب:
“كيف يمكن لأسرة متوسطة الدخل أن تعيش في ظل هذه الأسعار؟ كل شيء ارتفع، الحليب، الخبز، الزيت، حتى التمور لم تسلم! لم يعد الراتب يكفي لأسبوع واحد، فما بالك بشهر كامل!”

أما مواطن آخر، فقد بدا أكثر إحباطًا:
“رمضان كان زمان شهر البركة، الآن صار شهر الغلاء! نحن لسنا ضد التجار، لكن نريد عدلًا في الأسعار، لا أن نكون ضحايا لجشعهم!”

السؤال الذي يطرح نفسه الآن: إذا كانت الاعتمادات المستندية قد غطت الواردات، وإذا كان التضخم الرسمي عند 2.1% فقط، فلماذا تستمر الأسعار في التصاعد؟ الجواب ببساطة هو هيمنة شبكات الاحتكار، وضعف الرقابة، والتلاعب بالمواطنين في موسم استهلاك مرتفع!

في ظل هذا الواقع، يطرح الخبراء بعض الحلول التي قد تسهم في كبح جماح الأسعار، ومنها:
فرض رقابة صارمة على الأسواق لمنع الاحتكار ومعاقبة المتلاعبين.
– تعزيز الشفافية في عملية الاستيراد، لضمان وصول السلع إلى المستهلكين بأسعار عادلة.
– إيجاد حلول سياسية حقيقية لإنهاء الانقسام وتوحيد القرارات الاقتصادية.
– تشجيع الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على السلع المستوردة.

في النهاية، يظل المواطن الليبي في انتظار انفراجة حقيقية، بين وعود لا تُنفذ، وأسعار لا تتوقف عن الصعود. وبينما تستمر هذه الدوامة، يبقى السؤال الأهم: متى يتوقف هذا الاستنزاف الاقتصادي؟ ومن يملك الجرأة لكسر احتكار الأسواق؟!

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24