ليبيا الان

إطلاق نار داخل مستشفى غدامس يثير الذعر ويعطل العمل

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في ليلة مضطربة، تحوَّلت أروقة مستشفى غدامس العام إلى مسرح للفوضى والرعب، حين اخترقت أعيرة نارية صمت المكان، معلنةً عن كارثة جديدة تضاف إلى سجل الاعتداءات المسلحة التي لم تزل تنهش جسد المؤسسات الليبية. الأطباء، الممرضون، والعاملون، الذين اعتادوا مواجهة الأمراض وإنقاذ الأرواح، وجدوا أنفسهم هذه المرة في موقف الضحية، يفرون مذعورين، تاركين خلفهم أجهزةً طبيةً لم يكتمل عملها، ومرضىً ينتظرون رعايةً لم تعد مضمونة.

لم يكن ما حدث مجرد حادثة اعتداء عابرة، بل هو انعكاس صارخ لوضع أمني هش يهدد حتى أكثر المرافق حيوية. إدارة مستشفى غدامس العام، في بيان مقتضب، أعلنت أن العمل سيتوقف، ولن يتم استقبال سوى الحالات الطارئة، في محاولة منها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وسط الانفلات الأمني المتصاعد.

الروايات الأولية تتحدث عن اندلاع إطلاق نار داخل أجنحة المستشفى، وتحديداً بين قسمي العناية الفائقة والنساء والتوليد، حيث دبَّ الهلع في صفوف المرضى والعاملين، وتحوّلت المستشفى من مكان للشفاء إلى ساحة معركة غير معلنة. لم تُكشف بعد الأسباب الدقيقة للاعتداء، لكن السياق العام يوحي بأن التوترات الأمنية والسياسية المستمرة في غدامس قد بلغت نقطة حرجة.

غدامس، المدينة التي كانت يوماً جوهرة الصحراء ومفترق طرق الحضارات، باتت اليوم ساحةً لتصاعد التوتر بين قوى متنافسة، لم يكن الحادث بمعزل عن المناخ العام الذي تعيشه المنطقة، الأمر الذي يعكس واقعاً معقداً يصعب فيه فصل العنف السياسي عن الحوادث الأمنية.

ليبيا ليست غريبة على الاعتداءات المسلحة التي تستهدف المنشآت الصحية، فقد تكررت هذه الحوادث في مختلف المدن، مما يسلط الضوء على أزمة أكبر تتعلق بغياب الردع الأمني وضعف سلطة القانون. ومع أن بعض المدن شهدت تحسناً نسبياً في السيطرة الأمنية، إلا أن مناطق مثل غدامس لا تزال عرضة للفوضى، حيث يبدو أن المؤسسات الصحية تدفع ثمن الصراعات الجارية.

إزاء ذلك، عبر المجلس البلدي بغدامس عن استنكاره لما أسماه بـ”الاعتداء الآثم”، مشيراً إلى أن ما جرى يمثل انتهاكاً لحرمة المنشآت الصحية وحقوق الإنسان، مطالباً الجهات الأمنية بفتح تحقيق عاجل لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة.

وسط هذه الفوضى، التزمت وزارة الصحة في حكومة الدبيبة منتهية الولاية  الصمت، ولم تصدر أي بيان يوضح موقفها أو يعلن عن إجراءات لحماية الكوادر الطبية. هذا التجاهل الرسمي يزيد من إحباط العاملين في القطاع الصحي، الذين أصبحوا عرضةً للاعتداءات دون أن يجدوا جهة تحميهم أو تضمن لهم بيئة آمنة للعمل.

وفي حين يشدد المسؤولون المحليون على ضرورة تحرك السلطات الأمنية، يبدو أن الاستجابة على الأرض لا تزال محدودة. فحتى الآن، لم يعلن عن أي إجراءات ملموسة لتعقب المعتدين أو تعزيز الأمن في المستشفى، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة الدولة على بسط نفوذها في المناطق الخارجة عن السيطرة.

مع تعليق العمل في المستشفى، يواجه سكان غدامس تحدياً جديداً في الحصول على الرعاية الصحية، لا سيما في الحالات الطارئة التي تتطلب تدخلاً سريعاً. فإغلاق المستشفى يعني أن المصابين بأمراض مزمنة أو النساء الحوامل سيضطرون إلى البحث عن بدائل طبية في مدن أخرى، مما يشكل عبئاً إضافياً عليهم.

كما أن الحادث يزيد من عزوف الأطباء والممرضين عن العمل في المناطق المضطربة، وهو اتجاه قد يؤدي إلى نقص حاد في الكوادر الطبية، ما يفاقم أزمة القطاع الصحي في ليبيا التي تعاني أصلاً من تحديات كبيرة.

ما حدث في غدامس ليس مجرد حادثة منعزلة، بل هو مؤشر على أزمة أعمق تحتاج إلى معالجة عاجلة. فالاعتداءات المسلحة على المستشفيات ليست فقط انتهاكاً للقوانين والأعراف الإنسانية، بل هي تهديد مباشر لحياة المواطنين وحقهم في الحصول على رعاية صحية آمنة.

إن تجاهل هذه الحوادث وعدم محاسبة مرتكبيها يكرس ثقافة الإفلات من العقاب، ويفتح الباب أمام مزيد من الفوضى، في وقت تحتاج فيه ليبيا إلى تعزيز الأمن والاستقرار. فهل ستتحرك السلطات لتضع حداً لهذه الانتهاكات، أم أن غدامس ستظل شاهدة على مشهد آخر من مشاهد العنف غير المبرر؟

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24