ليبيا الان

ديوان المحاسبة يوضح حدود صلاحياته في ملاحقة الفساد

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في خضم الجدل المتصاعد حول قضايا الفساد المالي في ليبيا، أصدر ديوان المحاسبة بيانًا يوضح فيه حدود سلطته، مؤكدًا أن دوره يقتصر على الرقابة المالية وليس المحاسبة القضائية. هذا الإعلان أعاد طرح تساؤلات جوهرية حول آليات مكافحة الفساد في البلاد، ومدى فاعلية المنظومة الرقابية والقضائية في التصدي للمخالفات المالية.

ينص القانون رقم 19 لسنة 2013 في مواده (2)،(3)،(38) على أن ديوان المحاسبة مكلف بمراقبة وفحص حسابات الجهات الممولة من الخزانة العامة، لكنه لا يملك صلاحيات تنفيذية لمحاسبة المتورطين في الفساد. وفقًا لهذا الإطار القانوني، فإن دور الديوان ينتهي عند إعداد التقارير وإحالة القضايا إلى جهات الاختصاص.

يطرح هذا الإطار القانوني إشكالية رئيسية: هل تكفي الرقابة المالية دون صلاحيات تنفيذية؟ هل تتحرك الجهات المعنية بما فيه الكفاية بعد تلقيها ملفات الفساد؟ أسئلة تبدو إجابتها بعيدة المنال، خاصة في ظل تزايد الشكاوى حول بطء الإجراءات وتعثر التحقيقات.

ديوان المحاسبة، بحسب بيانه، يكتشف حالات الفساد ويقوم بإحالتها إلى النائب العام، الرقابة الإدارية، أو المدعي العام العسكري، وهي الجهات المخولة بإصدار أوامر القبض والإيقاف وإجراء التحقيقات. لكن هل هذه الإحالة كافية لضمان محاسبة الفاسدين؟

تشير التجارب السابقة إلى أن العديد من ملفات الفساد تظل حبيسة الأدراج أو يتم التعامل معها ببطء شديد، مما يثير مخاوف بشأن مدى فاعلية الجهاز القضائي والإداري في مواجهة هذه القضايا. كما أن غياب المحاسبة العاجلة قد يسهم في استمرار الفساد، ويضعف ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.

يعتبر الفصل بين السلطات مبدأ جوهريًا في النظم الديمقراطية، لكن في الحالة الليبية، يبدو أن هذا الفصل يخلق فجوة بين الرقابة والتنفيذ. فبينما يسلط ديوان المحاسبة الضوء على التجاوزات، فإن الإجراءات التنفيذية تبدو بطيئة وغير حاسمة في كثير من الحالات.

المواطن الليبي، الذي يتابع قضايا الفساد، يتساءل: ما جدوى كشف الفساد إن لم تُتخذ إجراءات رادعة بحق الفاسدين؟ ولماذا لا يُمنح ديوان المحاسبة صلاحيات أوسع تمكنه من اتخاذ تدابير فورية في القضايا التي يثبت تورط جهات معينة فيها؟

في ظل هذا الواقع، هناك مطالب متزايدة بتعديل القوانين لمنح ديوان المحاسبة سلطات أوسع، أو على الأقل تحسين آليات التعاون بين الجهات الرقابية والقضائية لضمان محاسبة أسرع وأكثر فاعلية للمتورطين في الفساد.

كما أن تعزيز الشفافية والإفصاح عن نتائج التحقيقات يمكن أن يسهم في إعادة الثقة للمواطنين في مؤسسات الدولة، ويؤكد جدية الحكومة في مكافحة الفساد، لا سيما في ظل الضغوط الدولية والمحلية الداعية إلى تحسين الحوكمة المالية.

يبقى ديوان المحاسبة مؤسسة محورية في الرقابة المالية، لكنه في ظل غياب الصلاحيات التنفيذية، يبدو مكبل اليدين في مواجهة الفساد المتزايد. ومع استمرار المطالب الشعبية والدولية بإصلاح النظام الرقابي والقضائي، يبقى السؤال مفتوحًا: متى تتحول تقارير الفساد إلى إجراءات حاسمة توقف النزيف المالي وتحاسب المسؤولين عنه؟

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24