في ظل التحديات الاقتصادية المتصاعدة التي تواجهها ليبيا، يسعى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى تقديم رؤية جديدة لدعم مسار التنمية الاقتصادية، عبر تحليل الفرص الاستراتيجية التي يمكن أن تعزز من استقرار البلاد المالي وتضعها على خارطة النمو المستدام.
وتشير التقارير الصادرة عن البرنامج إلى أن التقلبات الاقتصادية التي مرت بها ليبيا خلال العقد الأخير، والتي شملت اضطرابات في سعر الصرف، وارتفاع العجز المالي، والجدل حول دعم الوقود، تستدعي تبني سياسات جديدة تركز على تنويع مصادر الدخل وتعزيز الابتكار الاقتصادي.
من هذا المنطلق، أطلق مختبر تسريع التنمية التابع للأمم المتحدة، وبالتعاون مع هيئات ومؤسسات ليبية، سلسلة من البرامج التدريبية التي استهدفت ستة قطاعات حيوية تشكل أساس التحول الاقتصادي. وتشمل هذه القطاعات السياحة، الطاقة المتجددة، الصناعات الغذائية، الاقتصاد الرقمي، التمويل الإلكتروني، وتجارة الترانزيت.
بحسب التقرير، فإن السياحة العلاجية وسياحة المغامرات تمثلان إحدى أهم الفرص الواعدة، نظرًا لما تتمتع به ليبيا من مقومات طبيعية وتاريخية يمكن أن تسهم في جذب الاستثمارات السياحية. كما يطرح التقرير التحول إلى الطاقة المتجددة كخيار استراتيجي، إذ تمتلك ليبيا موارد هائلة من الطاقة الشمسية والرياح يمكن استغلالها لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ويشمل التقرير توصيات بشأن دعم الصناعات الغذائية المحلية وتحفيز المرأة الليبية على الانخراط في هذا القطاع لتعزيز الإنتاج الزراعي. كما يشدد على أهمية تعزيز البنية التحتية الرقمية، بما يتيح فرصًا جديدة في الاقتصاد الرقمي ويدعم مشاريع الابتكار التكنولوجي.
وفي إطار تحقيق الاستدامة المالية، يطرح التقرير مقترحات حول تطوير أنظمة التمويل الإلكتروني، بما يسهم في تحسين كفاءة المعاملات المالية ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة. كما يشير إلى إمكانية تحويل ليبيا إلى مركز لوجستي إقليمي من خلال تعزيز تجارة الترانزيت، مستفيدةً من موقعها الجغرافي الاستراتيجي.
من بين النقاط البارزة في التقرير، تأتي أهمية مشاركة المرأة في الاقتصاد الليبي، حيث يعتبرها البرنامج الأممي عنصرًا رئيسيًا في التحول الاقتصادي. ويوصي التقرير بزيادة تمكين المرأة في مجالات الزراعة، الطاقة، والاقتصاد الرقمي، لتعزيز الاستدامة الاقتصادية وضمان تحقيق تنمية شاملة.
يختتم التقرير بالإشارة إلى أن نجاح ليبيا في تجاوز أزماتها الاقتصادية مرهون بتفعيل مبادرات الابتكار الاقتصادي، وتعزيز التعاون الدولي والمحلي، واستثمار الموارد المتاحة بكفاءة. ويؤكد أن تنفيذ هذه الرؤية قد يضع ليبيا على مسار اقتصادي أكثر استقرارًا وازدهارًا خلال السنوات القادمة.
